كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 1)

خطب يَوْم جُمُعَة، وَآخر خَليفَة جَالس الندماء، وَوصل إِلَيْهِ العدماء، وَآخر خَليفَة كَانَت نَفَقَته وجوائزه، وعطاياه وخدمه وجراياته وخزائنه، ومطابخه وَشَرَابه، ومجالسه وحجابه وأموره جَارِيَة على تَرْتِيب الْخلَافَة الأول، وَآخر خَليفَة سَافر بزِي الْخُلَفَاء القدماء، وَقد سَافر بعده المتقي والطائع. ثمَّ قَامَ بعده أَخُوهُ المتقى لله إِبْرَاهِيم بن المقتدر، وَكَانَ خيرا عابدا، وَفِي أَيَّامه تغلب بَنو حمدَان على الجزيرة وَالشَّام، وَكثر الِاخْتِلَاف عَلَيْهِ، فخلعه توزون التركي، وكحله كَمَا كحل القاهر، ثمَّ حَبسه مَعَ القاهر وهما مكحولان، فَقَالَ القاهر:
(صرت وَإِبْرَاهِيم نخي عمي ... لَا بُد للنخين من صدر)

(مَا دَامَ توزون لَهُ إمره ... مطاعة فالميل فِي الْجَمْر)
وَكَانَ ذَلِك بعد ثَلَاث سِنِين وَاحِد عشر شهرا، وَمَات بعد خلعه بِخمْس وَعشْرين سنة. وَقَامَ من بعده لما خلع المستكفى بِاللَّه عبد الله بن المكتفي، فاستولت الديلم على الْبِلَاد، وَوَقع الِاخْتِلَاف عَلَيْهِ، فَقبض وكحل على يَد معز الدولة أَحْمد بن بويه فَكَانَت أَيَّامه سنة وَأَرْبَعَة أشهر ويومين. وأقيم من بعده الْمُطِيع لله الْفضل بن المقتدر فَأَقَامَ تسعا وَعشْرين سنة وَأَرْبَعَة أشهر وواحدا وَعشْرين يَوْمًا، لَيْسَ لَهُ سوى الِاسْم، والمدير للأمور معز الدولة، وَقد فرض لنفقه الْمُطِيع فِي كل يَوْم مِائَتي دِينَار، وَفِي أَيَّامه قدمت عسامكر الْمعز لدين الله أبي تَمِيم معد إِلَى مصر، وانقطعت الدعْوَة العباسية من

الصفحة 124