كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 1)

سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة فِيهَا وَقع الغلاء بِسَائِر الْبِلَاد وَارْتَفَعت الأسعار بِدِمَشْق وحلب وَأَرْض مصر وأبيع المكوك الْقَمْح بحلب بِمِائَة دِرْهَم وَالشَّجر بستين درهما والبطيخة الخضراء بِثَلَاثِينَ درهما وَبَقِيَّة الأسعار من هَذِه النِّسْبَة. وَفِي رَابِع شهر رَمَضَان: سَقَطت إِحْدَى مسان فِرْعَوْن الَّتِي بِعَين شمس فَوجدَ فِيهَا نَحْو المائتي قِنْطَار نُحَاس وَأخذ من رَأسهَا عشرَة آلَاف دِينَار. وفيهَا ملك هولاكو بَغْدَاد وَقتل الْخَلِيفَة المستعصم بِاللَّه عبد الله فِي سادس صفر فَكَانَت خِلَافَته خمس عشرَة سنة وَسَبْعَة أشهر وَسِتَّة أَيَّام. وانقرضت بمهلكه دولة بني الْعَبَّاس من بَغْدَاد وَصَارَ النَّاس بِغَيْر خَليفَة إِلَى سنة تسع وَخمسين وسِتمِائَة فصح حَدِيث حبيب بن أبي ثَابت عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة أَن رَسُول الله قَامَ فَقَالَ: يَا معشر قُرَيْش إِن هَذَا الْأَمر لَا يزَال فِيكُم وَأَنْتُم ولاته حَتَّى تحدثُوا أعمالاً تخرجكم مِنْهُ. فَإِذا فَعلْتُمْ ذَلِك سلط الله عَلَيْكُم شَرّ خلقه فالتحوكم كَمَا يلتحي الْقَضِيب. وَقتل النَّاس بِبَغْدَاد وتمزقوا فِي الأقطار وَخرب التتر الْجَوَامِع والمساجد والمشاهد وسفكوا الدِّمَاء حَتَّى جرت فِي الطرقات واستمروا على ذَلِك أَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَأمر هولاكو بعد الْقَتْلَى فبلغت نَحْو الألفي ألف قَتِيل وتلاشت الْأَحْوَال بهَا. وَملك التتار أربل وَدخل بدر الدّين لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل فِي طاعتهم. وفيهَا كثر الوباء بِبِلَاد الشَّام فَكَانَ يَمُوت من حلب فِي كل يَوْم ألف وَمِائَتَا إِنْسَان. وَمَات من أهل دمشق خلق كثير وَبلغ الرطل التَّمْر هندي سِتِّينَ درهما.

الصفحة 499