كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 1)

الْعَامَّة - مَعَ جمَاعَة من الْعَرَب بني مهتا يُرِيد دمشق. وَكَانَ قد فر من بَغْدَاد لما قتل هولاكو الْخَلِيفَة المستعصم بِاللَّه وَنزل عِنْد عرب الْعرَاق فِي هَذِه الْمدَّة ثمَّ أَرَادَ أَن يلْحق بِالْملكِ الظَّاهِر بيبرس بِمصْر. فوردت مُكَاتبَة الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدكين البندقدار والأمير عَلَاء الدّين طيبرس الوزيري نَائِب دمشق: بِأَنَّهُ ورد إِلَى الغوطة رجل ادّعى أَنه أَبُو الْقَاسِم أَحْمد الأسمر بن الإِمَام الظَّاهِر بن الإِمَام النَّاصِر وَهُوَ عَم المستعصم وأخو الْمُسْتَنْصر وَمَعَهُ جمَاعَة من عرب خفاجة فِي قريب الْخمسين فَارِسًا وَأَن الْأَمِير سيف الدّين قلج الْبَغْدَادِيّ عرف أُمَرَاء الْعَرَب الْمَذْكُورين وَقَالَ: بهؤلاء يحصل الْمَقْصُود. فَكتب السُّلْطَان إِلَى النواب بِالْقيامِ فِي خدمته وتعظيم حرمته وَأَن يسير مَعَه حجاب من دمشق فَسَار من دمشق بأوفر حُرْمَة إِلَى جِهَة مصر. فَخرج السُّلْطَان من قلعة الْجَبَل يَوْم الْخَمِيس تَاسِع شهر رَجَب إِلَى لِقَائِه وَمَعَهُ الْوَزير الصاحب بهاء الدّين بن حنا وقاضي الْقُضَاة تَاج الدّين ابْن بنت الْأَعَز وَسَائِر الْأُمَرَاء وَجَمِيع الْعَسْكَر وَجُمْهُور أَعْيَان الْقَاهِرَة ومصر ومعظم النَّاس من الشُّهُود والمؤذنين. وَخرجت الْيَهُود بِالتَّوْرَاةِ وَالنَّصَارَى بالإنجيل. فَسَار السُّلْطَان بِهِ إِلَى بَاب النَّصْر وَدخل إِلَى الْقَاهِرَة وَقد لبس الشعار العباسي وَخرج النَّاس إِلَى رويته وَكَانَ من أعظم أَيَّام الْقَاهِرَة. وشق القصبة إِلَى بَاب زويلة وَصعد قلعة الْجَبَل وَهُوَ رَاكب فَأنْزل فِي مَكَان جليل قد هيئ لَهُ بهَا وَبَالغ السُّلْطَان فِي إكرامه وَإِقَامَة ناموسه. فَلَمَّا كَانَ يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشره: حضر قَاضِي الْقُضَاة ونواب الحكم وعلماء الْبَلَد وفقهاؤها وأكابر الْمَشَايِخ وأعيان الصُّوفِيَّة والأمراء ومقدمو العساكر والتجار ووجوه النَّاس وَحضر أَيْضا الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام فمثلوا كلهم بِحَضْرَة الْأَمِير أَحْمد وَجلسَ السُّلْطَان متأدباً بِغَيْر كرْسِي وَلَا طراحة وَلَا مُسْند. وَشهد العربان وخادم من البغاددي بِأَن الْأَمِير أَحْمد هُوَ ابْن الإِمَام الظَّاهِر أَمِير الْمُؤمنِينَ بن الإِمَام النَّاصِر أَمِير الْمُؤمنِينَ وَشهد بالاستفاضة القَاضِي جمال الدّين يحيى بن عبد الْمُنعم بن حسن الْمَعْرُوف بالجمال يحيى نَائِب الحكم بِمصْر والفقيه علم الدّين مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ابْن عِيسَى بن عبد الله بن رَشِيق وَالْقَاضِي صدر الدّين موهوب الْجَزرِي ونجيب الدّين الْحَرَّانِي وسديد الدّين عُثْمَان بن عبد الْكَرِيم بن أَحْمد بن خَليفَة وَأَبُو عَمْرو بن أبي

الصفحة 529