كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 1)

وقدمت الإقامات من الفرنج إِلَى السُّلْطَان وسألوا الصُّلْح فتوقف وَطلب مِنْهُم أموراً لم يجيبوا إِلَيْهَا فأهانهم. وَكَانَ الْعَسْكَر قد خرج للغارة على بِلَادهمْ من جِهَة بعلبك فسألوا رُجُوعه. وَاتفقَ الغلاء بِبِلَاد الشَّام فتقرر الصُّلْح على مَا كَانَ الْأَمر عَلَيْهِ إِلَى آخر أَيَّام الْملك النَّاصِر وَإِطْلَاق الْأُسَارَى من حِين انْقَضتْ الْأَيَّام الناصرية. فسارت رسل الفرنج لأخذ العهود وَتَقْرِير الْهُدْنَة لصَاحب يافا ومتملك بيروت فكاسر الفرنج فِي أَمر الْأُسَارَى فَأمر السُّلْطَان بِنَقْل أسرى الفرنج من نابلس إِلَى دمشق واستعملهم فِي العمائر. فتعلل الفرنج بِالْعِوَضِ عَن زرعين فأجيبوا: بأنكم أَخَذْتُم الْعِوَض عَنْهَا فِي الْأَيَّام الناصرية مرج عُيُون وقايضتم صَاحب تبنين والمقايضة فِي أَيْدِيكُم. فَكيف تطلبون الْعِوَض مرَّتَيْنِ. فَإِن بَقِيتُمْ على الْعَهْد وَإِلَّا فَمَا لنا شغل إِلَّا الْجِهَاد. وَخرج الْأَمِير جمال الدّين المحمدي فِي عَسْكَر وأغار على بِلَاد الفرنج وَعَاد غانماً سالما. وسارت عدَّة من الْعَسْكَر فأوقعوا بعرب زبيد لِكَثْرَة فسادهم وَقتلُوا مِنْهُم جمَاعَة وعادوا غَانِمِينَ. واحضر السُّلْطَان أُمَرَاء العربان وَأَعْطَاهُمْ وأقطعهم الإقطاعات وسلمهم دَرك الْبِلَاد وألزمهم حفظ الحروب إِلَى حُدُود الْعرَاق وَكتب منشور الإمرة على جَمِيع العربان للأمير شرف الدّين عِيسَى بن مهنا. وفوض السُّلْطَان إِلَى الْأَمِير عَلَاء الدّين الْحَاج طيبرس الوزيري نِيَابَة دمشق وفوض قضاءها للْقَاضِي شمس الدّين أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن خلكان - وَكَانَ قد خرج مَعَه من مصر - عوضا عَن نجم الدّين أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن يحيى ابْن السّني ووكل بِهِ وسفره إِلَى الْقَاهِرَة. وَقُرِئَ تَقْلِيد ابْن خلكان يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع

الصفحة 538