كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 1)

الْخَنَادِق وَهلك مِنْهُم جمَاعَة فِي الْأَبْوَاب. فَلَمَّا كَانَ آخر النَّهَار سَاق السُّلْطَان إِلَى البرج الَّذِي نقب وَقد تعلق حَتَّى رمي بَين يَدَيْهِ وَأخذ مِنْهُ أَرْبَعَة من الفرسان ونيف وَثَلَاثُونَ رَاجِلا وَبَات السُّلْطَان على ذَلِك. فَلَمَّا أصبح عَاد على بِلَاد الفرنج وكشفها مَكَانا مَكَانا وَعبر على الناصرة حَتَّى شَاهد خراب كنيستها وَقد سوى بهَا الأَرْض وَصَارَ إِلَى الصّفة الَّتِي بناها قبالة الطّور فوافاها لَيْلًا وَجلسَ عَلَيْهَا. وأحضر الشموع الَّتِي بالمنجنيقات وَنصب عَلَيْهَا خَمْسَة وأحضر الصاحب فَخر الدّين مُحَمَّد بن حنا وَزِير الصُّحْبَة. وَجَمَاعَة كتاب الدرج وهم سَبْعَة: الصاحب فَخر الدّين بن لُقْمَان والصدر بدر الدّين حسن الْموصِلِي والصدر كَمَال الدّين أَحْمد بن العجمي والصدر فتح الدّين ابْن القيسراني والصدر شهَاب الدّين أَحْمد بن عبيد الله والصدر برهَان الدّين. واحضر كتاب الْجَيْش وَأمر الْأَمِير سيف الدّين الزيني أَمِير علم أَن يجلس مَعَ كتاب الْجَيْش لأجل كِتَابَة المناشير وتجهيز الطبلخانا وَأَن يكون الأتابك بَين يَدي السُّلْطَان. واستدعى من الجشارات بِخَمْسِمِائَة فرس لأجل الطبلخاناه وخيول الْأُمَرَاء وأحضرت خلع كَثِيرَة وَأمر السِّلَاح دارية أَن يستريحوا بالنوبة ويحضروا. فَلم تزل المثالات والمناشير تكْتب وَهُوَ يعلم فَكتب بَين يَدَيْهِ تِلْكَ اللَّيْلَة سِتَّة وَخَمْسُونَ منشوراً كبارًا يخْطب لأمراء كبار. وظل الصاحب فَخر الدّين يعلم وَفتح الدّين بن سناء الْملك صَاحب ديوَان الْجَيْش وَصَاحب ديوَان الخزائن يعلم والأمير بدر الدّين الخازندار وَاقِف والمستوفي ينزل حَتَّى كملت بَين يَدَيْهِ. وَأصْبح السُّلْطَان فَخَلا بِنَفسِهِ وجهز الطبلخاناه والسناجق وَالْخَيْل وَالْخلْع إِلَى الْأُمَرَاء وَجعل الْأَمِير نَاصِر الدّين القيمري نَائِب السلطة بالفتوحات الساحلية.

الصفحة 555