كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 1)

ورحل السُّلْطَان من الطّور يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشر جُمَادَى الْآخِرَة وَسَار إِلَى الْقُدس فوافاه يَوْم الْجُمُعَة عشره وكشف أَحْوَال الْبَلَد وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْمَسْجِد من الْعِمَارَة وَنظر فِي الْأَوْقَاف وَكتب بحمايتها ورتب برسم مصَالح الْمَسْجِد فِي كل سنة خَمْسَة آلَاف دِرْهَم وَأمر بِبِنَاء خَان خَارج الْبَلَد وَنقل إِلَيْهِ من الْقَاهِرَة بَاب الْقصر الْمَعْرُوف بِبَاب الْعِيد ونادى بالقدس أَلا ينزل أحد فِي زرع. لم سَار السُّلْطَان إِلَى الكرك فنزله يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشريه بعساكره وأحضر السلالم الْخشب من الصَّلْت وَغَيره والحجارين والبنائين والنجارين والصناع من مصر ودمشق. وَكتب إِلَى من فِي الكرك فخافوا وترددت الرُّسُل بَينهم وَبَينه حَتَّى اسْتَقر الْحَال على أَنه يعْطى الْملك الْعَزِيز عُثْمَان بن الْملك المغيث إمرة مائَة فَارس فأنعم بذلك. وَنزل أَوْلَاد المغيث وقاضي الْمَدِينَة وخطبها وعدة من أَهلهَا وَمَعَهُمْ مَفَاتِيح الْمَدِينَة والقلعة فَحلف لَهُم السُّلْطَان وأرضاهم وسير الْأَمِير عز الدّين أيدمر الأستادار والصاحب فَخر الدّين مُحَمَّد بن الصاحب بهاء الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن سليم بن حنا فِي لَيْلَة الْجُمُعَة رَابِع عشريه فتسلما القلعة. وَفِي بكرَة الْجُمُعَة دعِي للسُّلْطَان على الأسوار ونصبت سناجقه على الأبراج وَركب فِي السَّاعَة الثَّالِثَة وطلع إِلَى القلعة ورتب أَمر جَيش الكرك وَأنْفق فيهم ثَلَاثَة أشهر من خزائنه واهتم السُّلْطَان ببلادها وَعين لَهَا خَاصّا وَزَاد جمَاعَة وأنعم على أَوْلَاد الْملك المغيث بِجَمِيعِ مَا كَانَ فِي القلعة من مَال وقماش وأثاث. وَصلى بهَا صَلَاة الْجُمُعَة وَنزل قريب الْمغرب وَلم يتَعَرَّض أحد من الْعَسْكَر لأَهْلهَا بِسوء. وَأصْبح السُّلْطَان فَبعث إِلَى الْعَزِيز بن المغيث الْخلْع والقماش وَإِلَى الطواشي بهاء الدّين صندل والأمير شهَاب الدّين صعلوك أتابكة. كتب بالبشارة إِلَى مصر وَالشَّام بِأخذ الكرك وَأَن تحمل إِلَيْهِ الغلات والأصناف طلع السُّلْطَان إِلَيْهَا يَوْم الِاثْنَيْنِ وأحضر الدَّوَاوِين ورتب الإقطاعات للعربان الأجناد فَكتب بَين يَدَيْهِ زِيَادَة على ثَلَاثمِائَة منشور وسلمت لأربابها بَعْدَمَا حلفوا بَين يَدي السُّلْطَان وكتبت أَيْضا تواقيع لأهل الكرك بمناصب دينية وديوانية. وجرد سُلْطَان بهَا عدَّة من البحرية والظاهرية وَحلف مقدمي الكرك وأنصارها وَقَالَ لأهل كرك: اعلموا أَنكُمْ قد أسأتم إِلَى فِي الْأَيَّام الْمَاضِيَة وَقد اغتفرت لكم ذَلِك لكونكم

الصفحة 556