كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 1)

وَفِي ثامن عشره سَار السُّلْطَان من الْإسْكَنْدَريَّة يُرِيد الْقَاهِرَة فَنزل تروجة وَأمر عربانها بالسباق بَين يَدَيْهِ فاجتمه ألف فَارس من عرب تروجة وانضم إِلَيْهَا جملَة من خيل الْعَسْكَر. وَعين السُّلْطَان لَهُم المدى ووقف على تل وأوقف الرماح وَعَلَيْهَا الثِّيَاب الأطلس والعتابي وفيهَا المَال. فَأَقْبَلت الْخَيل وَأخذ كل رَاكب سبق مَا فرض لَهُ. ثمَّ سَار السُّلْطَان إِلَى قلعة الْجَبَل فَلَمَّا وصل فوض قَضَاء الثغر للفقيه برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد عَليّ البوشي الْمَالِكِي وَكَانَ زاهداً عابداً يأوي إِلَى مَسْجِد بِمصْر وفوض الخطابة للْقَاضِي زين الدّين أبي الْفرج مُحَمَّد بن القَاضِي الْمُوفق بن أبي الْفرج الإسكندري الَّذِي كَانَ حَاكما بالثغر. وَفِي آخر ذِي الْعقْدَة: نزل السُّلْطَان إِلَى الْقَاهِرَة وَعَاد الْأَمِير سيف الدّين قلاون الألفي والأمير عَلَاء الدّين الْحَاج أيدغدي الركني والأمير حسام الدّين بن بركَة خَان. وَفِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء خَامِس ذِي الْحجَّة: توفّي الْأَمِير حسام الدّين بن بركَة خَان فَحَضَرَ السُّلْطَان جنَازَته وَمَشى فِيهَا مَعَ النَّاس. وَفِي سادسه: وصلت التتار المستأمنة وأعيانهم كرمون وأمطغية ونركيه وجبرك وقيان وناسيسة وطيشور ونبتو وصبحي وجرجلان واجقرقا وارقرق وكراي وصلاغيه ومتقدم وصراغان. فَركب السُّلْطَان إِلَى تلقيهم فنزلوا عِنْد مشاهدته عَن خيولهم وقبلوا الأَرْض وَهُوَ رَاكب فأكرمهم وعادوا إِلَى القلعة. وَفِي ثامنه: خلع عَلَيْهِم السُّلْطَان وَنزل إِلَى تربة ابْن بركَة خَان. ثمَّ وَردت الْكتب بقدوم طَائِفَة أُخْرَى فاحتفل بهم وَركب لتلقيهم. ثمَّ وَردت طَائِفَة ثَالِثَة فاعتمد مَعَهم مثل ذَلِك وَأمر أكابرهم وَعرض عَلَيْهِم الْإِسْلَام فأسلموا وختنوا بأجمعهم. وَاتفقَ أَن الْأَمِير بهاء الدّين أَمِير أخور ضرب بعض دلالي سوق الْخَيل فَمَاتَ قلاوون واستتر عِنْده فَدخل قلاوون على الأتابك فِي أمره وَأخرج لأَوْلَاد الْمَيِّت من مَاله خَمْسَة آلَاف دِرْهَم وَمِائَة أردب غلَّة وَكِسْوَة فأبرؤه وأقروا أَن أباهم مَاتَ بِقَضَاء الله وَقدره. وَدخل الأتابك إِلَى السُّلْطَان وحدثه فِي ذَلِك فَاشْتَدَّ غَضَبه فَقَالَ لَهُ الأتابك: تغْضب وَالشَّرْع مَعنا فَإِن كَانَ قد قَتله عمدا أَو خطا فقد أَبْرَأ الْأَوْلِيَاء. وتحدث الْأُمَرَاء فِي الْعَفو عَنهُ فعفه وَأمر بِعَمَل جَامع من الثِّيَاب المفصلة بِضَرْب على يمنة الْخَيْمَة السُّلْطَانِيَّة فَعمل ونصبت وأبرأيه وعملت فِيهِ مَقْصُورَة برسم السُّلْطَان. وَفِي هَذِه السّنة: جمدت دَار الْعدْل تَحت قلعة الْجَبَل وَجلسَ بهَا السُّلْطَان فِي يومي الْخَمِيس والاثنين لعرض العساكر. وفيهَا وَردت هَدِيَّة من بِلَاد الْيمن.

الصفحة 561