كتاب المستقصى في أمثال العرب (اسم الجزء: 1)

ب والكدح فِي تَقْوِيم عنادها، وَإِعْطَاء بداهة الوكد وعلالته إِيَّاهَا، لما آنست من تناهي فاقة الأفاضل عَن آخِرهم إِلَى استكشاف غوامضها والغوص على مشكلاتها، وَلَا سِيمَا من انتدب مِنْهُم لتدريس قوانين الْعَرَبيَّة وإقراء الْكتب الْكِبَار، فناط بِهِ الرَّغْبَة كل طَالب، وَغشيَ ضوء ناره كل مقتبس، وَوجه إِلَيْهِ النجعة كل رائد، وَكم يتلقاك فِي هَذَا الْعَصْر الَّذِي قرع فِيهِ فنَاء الْأَدَب وصفر إناؤه، اللَّهُمَّ إِلَّا عَن صرمة لَا يسئر مِنْهَا الْقَابِض، وصبابة لَا تفضل عَن التبرض من دهماء المتحلين مِمَّا لم يحسنوه المتشبعين بِمَا لم يملكوه، من لَو رجعت إِلَيْهِ فِي معنى أَسِير مثل لفتل أَصَابِعه سدرا ولاحمرت ديباجتاه نشورا أَو توقح فأساء جابة فافتضح وَتكشف عواره؛ وأيم الله! إِنَّهَا لمدحضة الأرجل وبخبرة الرِّجَال، بهَا يتَخَلَّص الْخبث عَن الإبريز، وينماز الناكصون عَن ذَوي التبريز؛ ثمَّ هِيَ قصارى فصاحة الْعَرَب العرباء، وجوامع كلمها، ونوادر حكمهَا، وبيضة منطقها، وزبدة حوارها، وبلاغتها الَّتِي أعربت بهَا عَن القرائح السليمة والركن البديع إِلَى ذرابة اللِّسَان وغرابة اللسن، حَيْثُ أوجزت اللَّفْظ فأشبعت الْمَعْنى،
2 - من مَالك بن زيد مَنَاة كَانَ على كَونه محمقا آبل أهل زَمَانه وَله
(الرجز)
أوردهَا سعد وَسعد مُشْتَمل ... مَا هَكَذَا تورد يَا سعد الْإِبِل)
وَذَلِكَ أَنه بنى على امْرَأَة واشتغل بالاعراس بهَا فأورد أَخُوهُ سعد الْإِبِل وأخل بالرفق بهَا وَحسن الْقيام بإيرادها فعاب عَلَيْهِ ذَلِك وَقيل أوردهَا سعد وَمَالك فِي صفرَة فَقَالَ سعد
(الرجز)
(يظل يَوْم وردهَا مزعفرا ... وهى خناطيل تجوس الخضرا)
فَقَالَت لَهُ امْرَأَته وهى النوار بنت جلّ بن عدي أجب أَخَاك فأرتج عَلَيْهِ فلقفته هَذَا الْبَيْت
3 - آخر الْبَز على القلوص أسر مَالك بن كومة وَعَمْرو بن الزبان الذهليان كتيف بن زُهَيْر الثَّعْلَبِيّ فاحتقا فِيهِ فحكماه فَقَالَ لَوْلَا مَالك لَكُنْت فِي أَهلِي فَلَطَمَهُ عَمْرو وَكَانَ مَالك امْرأ حَلِيمًا فَقَالَ لكتيف جعلت

الصفحة 2