كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 1)
لأن الله جمع له بين النبوة، والملك، ووهبه ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده: فسخر له الرياح، والجن، والشياطين؛ فإن سليمان عليه السلام كان ملكاً نبياً رسولاً؛ وكل من ذكر في القرآن من الأنبياء فهم أنبياء رسل؛ لقوله تعالى: {ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك} [غافر: ٧٨]؛ وعند اليهود. قاتلهم الله. أن سليمان ملك فقط؛ وهو لا ريب ملك، ونبي، ورسول؛ وسليمان كان بعد موسى عليه السلام؛ لقوله تعالى: {ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى ... } [البقرة: ٢٤٦] إلى قوله تعالى: {وقتل داود جالوت} [البقرة: ٢٥١]؛ وسليمان هو ابن داود. عليهما السلام ...
قوله تعالى: {وما كفر سليمان} أي بتعلم السحر؛ أو تعليمِه ..
قوله تعالى: {ولكنَّ الشياطينَ كفروا} بتشديد نون {لكنَّ}، ونصب {الشياطينَ}؛ وفي قراءة سبعية بتخفيف نون {لكن} وإسكانها ثم كسرها تخلصاً من التقاء الساكنين؛ و {الشياطينُ} برفع النون؛ فعلى القراءة الأولى تكون الواو حرف عطف، و {لكنّ} حرف استدراك يعمل عمل "إنّ" ينصب الاسم، ويرفع الخبر، و {الشياطينَ} اسمها، وجملة: {كفروا} خبرها؛ وعلى قراءة التخفيف تكون الواو للعطف، و {لكن} حرف استدراك مبني على السكون حُرِّك بالكسر لالتقاء الساكنين، و {الشياطين} مبتدأ، وجملة: {كفروا} خبر المبتدأ ..
وقوله تعالى: {ولكن الشياطين} جمع شيطان؛ وجاءت بالجمع؛ لأن الشياطين يوحي بعضهم إلى بعض، ويعلم بعضهم
الصفحة 327
382