كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 1)

بعضاً؛ و {كفروا}: فسَّر هذا بقوله تعالى: {يعلمون الناس السحر}؛ و"السحر" في اللغة هو كل شيء خفيَ سببه، ولطف؛ ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان لسحراً" (¬١)؛ لأن البيان. وهو الفصاحة. يجذب النفوس، والأسماع حتى إن الإنسان يجد من نفسه ما يشده إلى سماع هذا البيان، والتأثر به، فيسحر الناس؛ لكن ليس هو السحر الذي ورد ذمه؛ وإنما المراد بالسحر المذموم: عُقَد، ورُقى ينفث فيها الساحر، فيؤثر في بدن المسحور، وعقله؛ وهو أنواع: منه ما يقتل؛ ومنه ما يمرض؛ ومنه ما يزيل العقل، ويخدر الإنسان؛ ومنه ما يغير حواس المرء، بحيث يسمع ما لم يكن، أو يشاهد الساكن متحركاً، أو المتحرك ساكناً؛ ومنه ما يجلب المودة؛ ومنه ما يوجب البغضاء؛ المهم أن السحر أنواع؛ وأهله يعرفون هذه الأنواع ..
قوله تعالى: {يعلمون الناس السحر} جملة حالية من الفاعل في {كفروا} يعني حال كونهم يعلمون الناس السحر؛ ويجوز أن تكون استئنافية لبيان نوع كفرهم ..

قوله تعالى: {وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت} يعني واتبعوا أيضاً ما أنزل على الملكين؛ والجملة معطوفة على قوله: {واتبعوا ما تتلو}؛ و {الملَكين} بفتح اللام تثنية ملَك؛ والفرق بين "ملَك" و"ملِك" أن "الملَك" بفتح اللام واحد الملائكة؛ و"الملِك" بكسر اللام: الحاكم الذي له سلطة؛
---------------
(¬١) أخرجه البخاري ص ٤٤٥، كتاب النكاح، باب ٤٨: الخطبة، حديث رقم ٥١٤٦؛ وأخرجه مسلم ص ٨١٣، كتاب الجمعة، باب ١٣: تخفيف الصلاة والخطبة، حديث رقم ٢٠٠٩ [٤٧] ٨٦٩.

الصفحة 328