كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 1)

ويتفرع على ذلك: الترغيب في إقامة الصلاة؛ لأنها من صفات المتقين؛ وإقامتها أن يأتي بها مستقيمة على الوجه المطلوب في خشوعها، وقيامها، وقعودها، وركوعها، وسجودها، وغير ذلك ..

. ٣ ومن فوائد الآيات: أن من أوصاف المتقين الإنفاق مما رزقهم الله؛ وهذا يشمل الإنفاق الواجب كالزكاة، وإنفاقَ التطوع كالصدقات، والإنفاقِ في سبل الخير ..

. ٤ ومنها: أن صدقة الغاصب باطلة؛ لقوله تعالى: {ومما رزقناهم}؛ لأن الغاصب لا يملك المال الذي تصدق به، فلا تقبل صدقته ..

. ٥ ومنها: أن الإنفاق غير الزكاة لا يتقدر بشيء معين؛ لإطلاق الآية، سواء قلنا: إن "مِن" للتبعيض؛ أو للبيان ..
ويتفرع على هذا جواز إنفاق جميع المال في طرق الخير، كما فعل أبو بكر رضي الله عنه حين تصدق بجميع ماله (¬١)؛ لكن هذا مشروط بما إذا لم يترتب عليه ترك واجب من الإنفاق على الأهل، ونحوهم؛ فإن ترتب عليه ذلك فالواجب مقدم على التطوع ..
---------------
(¬١) راجع سنن أبي داوود ١٣٤٨ كتاب الزكاة باب ٤٠: الرخصة في ذلك حديث ١٦٧٨ والترمذي ص ٢٠٣٠ كتاب المناقب باب ١: رجاؤه صلى الله عليه وسلم أن يكون أبو بكر ممن يدعى من جميع أبواب الجنة حديث ٣٦٧٥ والدارمي ١/ ص ٤٨٠ كتاب الزكاة باب ٢٦: الرجل يتصدق بجميع ما عنده حديث رقم ١٦٦٠ وقال الألباني في صحيح أبي داود ١/ ٤٦٦ حسن.
عن الوقوع في المخالفة؛ والبشارة: لمن امتثل، وأطاع.

٦ - ومن فوائد الآية: أن الكتب نازلة من عند الله؛ لقوله تعالى: {وأنزل معهم الكتاب}.

٧ - ومنها: علو الله سبحانه وتعالى؛ لأنه إذا كانت الكتب نازلة من عنده لزم أن يكون هو عالياً؛ لأن النزول يكون من فوق إلى تحت.
٨ - ومنها: أن الواجب الرجوع إلى الكتب السماوية عند النزاع؛ لقوله تعالى: {ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه} وإلا لضاعت فائدة الكتب المنزلة؛ ومن المعلوم أن الكتاب المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم مصدق لما بين يديه من الكتاب، ومهيمن عليه؛ فيجب الرجوع إليه وحده؛ لأن ما سبقه منسوخ به.

٩ - ومنها: رحمة الله عزّ وجلّ بالعباد، حيث لم يكلهم إلى عقولهم؛ لأنهم لو وكِلوا إلى عقولهم لفسدت السموات والأرض، كما قال تعالى: {ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن} [المؤمنون: ٧١]؛ فكل إنسان يقول: العقل عندي؛ والصواب معي؛ ولكن الله تعالى بعث النبيين، وأنزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه.

١٠ - ومنها: أن الناس لو رجعوا إلى الكتاب المنزل عليهم لحصل بينهم الاجتماع، والائتلاف.

١١ - ومنها: أن الخلاف بين الناس كائن لا محالة؛ لقوله تعالى: {ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه}؛ ويدل على ذلك

الصفحة 33