كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 1)

لا تقولوا عند مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم راعنا؛ و {راعنا} من المراعاة؛ وهي العناية بالشيء، والمحافظة عليه؛ وكان الصحابة إذا أرادوا أن يتكلموا مع الرسول صلى الله عليه وسلم قالوا: "يا رسول الله، راعنا"؛ وكان اليهود يقولون: "يا محمد، راعنا"؛ لكن اليهود يريدون بها معنى سيئاً؛ يريدون "راعنا" اسم فاعل من الرعونة؛ يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم راعن؛ ومعنى "الرعونة" الحمق، والهوج؛ لكن لما كان اللفظ واحداً وهو محتمل للمعنيين نهى الله عز وجل المؤمنين أن يقولوه تأدباً، وابتعاداً عن سوء الظن؛ ولأن من الناس من يتظاهر بالإيمان. مثل المنافقين. فربما يقول: "راعنا" وهو يريد ما أرادت اليهود؛ فلهذا نُهي المسلمون عن ذلك ..

قوله تعالى: {وقولوا انظرنا} يعني إذا أردتم من الرسول أن ينتظركم فلا تقولوا: {راعنا}؛ ولكن قولوا: {انظرنا}: فعل طلب؛ و"النظر" هنا بمعنى الانتظار، كما في قوله تعالى: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} [البقرة: ٢١٠]، أي ما ينتظر هؤلاء ..

قوله تعالى: {واسمعوا} فعل أمر من السمع بمعنى الاستجابة؛ أي اسمعوا سماع استجابة، وقبول، كما قال تعالى:

الصفحة 338