كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 1)
هنا بالنسبة للمكلف؛ ووجه الخيرية. كما يقول العلماء. أن النسخ إن كان إلى أشد فالخيرية بكثرة الثواب؛ وإن كان إلى أخف فالخيرية بالتسهيل على العباد مع تمام الأجر؛ وإن كان بالمماثل فالخيرية باستسلام العبد لأحكام الله عز وجل، وتمام انقياده لها، كما قال تعالى: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه} [البقرة: ١٤٣] ..
قوله تعالى: {أو مثلها} أي نأتي بمثلها ..
قوله تعالى: {ألم تعلم} الهمزة هنا للاستفهام؛ والمراد به التقرير؛ وكلما جاءت على هذه الصيغة فالاستفهام فيها للتقرير، مثل: {ألم نشرح لك صدرك} [الشرح: ١]؛ فقوله تعالى: {ألم تعلم} يقرر الله المخاطَب. سواء قلنا: إنه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ أو كل من يتأتى خطابه. بالاستفهام بأنه يعلم {أن الله على كل شيء قدير}؛ يعني أنك قد علمت قدرة الله على كل شيء؛ ومنها القدرة على النسخ ..
وقوله تعالى: {قدير}: لما أريد بها الوصف جاءت على صيغة "فعيل"؛ لكن إذا أريد بها الفعل تكون بصيغة "الفاعل"، كما في قوله تعالى: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم} [الأنعام: ٦٥]؛ و "القدرة" صفة تقوم بالقادر بحيث يفعل الفعل بلا عجز؛ و"القوة" صفة تقوم بالقوي بحيث يفعل الفعل بلا ضعف؛ إذاً المقابل للقدرة: العجز؛ لقوله تعالى: {وما كان الله ليعجزه من شيء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليماً قديراً} [فاطر: ٤٤]؛ والمقابل للقوة: الضعف، قال تعالى: {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة} [الروم:
الصفحة 347
382