كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 1)
القرآن
(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة: ١٠٩)
التفسير:.
{١٠٩} قوله تعالى: {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً}؛ {ود} بمعنى أحب؛ بل إن "الود" خالص المحبة؛ والمعنى: أن كثيراً من أهل الكتاب يودون بكل قلوبهم أن يردوكم كفاراً؛ أي يرجعوكم كفاراً؛ وعلى هذا فـ {يردونكم} تنصب مفعولين؛ الأول: الكاف في {يردونكم}؛ والثاني: {كفاراً}؛ و {أهل الكتاب} هم اليهود، والنصارى؛ والمراد بـ {الكتاب} التوراة، والإنجيل؛ و {لو} هنا مصدرية؛ وضابطها أن تقع بعد "ود" ونحوها؛ و {من بعد إيمانكم} أي من بعد أن ثبت الإيمان في قلوبكم ..
قوله تعالى: {حسداً} مفعول لأجله عامله: {ود}؛ أي ودوا من أجل الحسد؛ يعني هذا الود لا لشيء سوى الحسد؛ لأن ما أنتم عليه نعمة عظيمة؛ وهؤلاء الكفار أعداء؛ والعدو يحسد عدوه على ما حصل له من نعمة الله؛ و "الحسد" تمني زوال نعمة الله على الغير سواء تمنى أن تكون له، أو لغيره، أو لا لأحد؛ فمن تمنى ذلك فهو الحاسد؛ وقيل: "الحسد" كراهة نعمة الله على الغير ..
قوله تعالى: {من عند أنفسهم} أي هذه المودة التي يودونها ليست لله، ولا من الله؛ ولكن من عند أنفسهم ..
الصفحة 357
382