كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 1)

قوله تعالى: {من بعد ما تبين} أي من بعد ما ظهر {لهم} أي لهؤلاء الكثيرين؛ {الحق} أي ما أنتم عليه من الحق؛ و "الحق" هو الشيء الثابت؛ فإن وصف به الحكم فالمراد به العدل؛ وإن وصف به الخبر فالمراد به الصدق؛ فـ {الحق} الصدق في الأخبار، والعدل في الأحكام؛ ودين الإسلام على هذا؛ وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا؛ فإن أخباره صدق، وأحكامه عدل ..

قوله تعالى: {فاعفوا واصفحوا}: الخطاب للمؤمنين عامة؛ ويدخل فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم؛ و "العفو" بمعنى ترك المؤاخذة على الذنب؛ كأنه من عفا الأثر: إذا زال لتقادمه؛ و {اصفحوا}: قيل: إنه من باب عطف المترادفين، كقول الشاعر:
(فألفى قولها كذباً وميناً) و"الكذب" و"المين" معناهما واحد؛ ولكن الصواب أن بين "العفو"، و "الصفح" فرقاً؛ فـ "العفو" ترك المؤاخذة على الذنب؛ و "الصفح" الإعراض عنه؛ مأخوذ من صفحة العنق؛ وهو أن الإنسان يلتفت، ولا كأن شيئاً صار. يوليه صفحة عنقه.؛ فـ "الصفح" معناه الإعراض عن هذا بالكلية وكأنه لم يكن؛ فعلى هذا يكون بينهما فرق؛ فـ "الصفح" أكمل إذا اقترن بـ "العفْو" ..

قوله تعالى: {حتى يأتي الله بأمره} أي بأمر سوى ذلك؛ وهو الأمر بالقتال ..

قوله تعالى: {إن الله على كل شيء قدير} أي لا يعتريه عجز في كل شيء فعله ..

الفوائد:

. ١ من فوائد الآية: بيان شدة عداوة اليهود، والنصارى

الصفحة 358