كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 1)

التفسير:
ثم ذكر الله قسماً آخر. وهم الكافرون الخلَّص.؛ ففي هذه السورة العظيمة ابتدأ الله تعالى فيها بتقسيم الناس إلى ثلاثة أقسام: المؤمنون الخلَّص؛ ثم الكافرون الخلَّص؛ ثم المؤمنون بألسنتهم دون قلوبهم؛ فبدأ بالطيب، ثم الخبيث، ثم الأخبث؛ إذاً الطيب: هم المتقون المتصفون بهذه الصفات؛ والخبيث: الكفار؛ والأخبث: المنافقون ..

. {٦} قوله تعالى: {سواء} أي مستوٍ؛ وهي إما أن تكون خبر {إن} في قوله تعالى: {إن الذين كفروا}؛ ويكون قوله تعالى: {أأنذرتهم} فاعلاً بـ {سواء} مسبوكاً بمصدر؛ والتقدير: سواء عليهم إنذارُك، وعدمُه؛ وإما أن تكون {سواء} خبراً مقدماً، و {أأنذرتهم} مبتدأً مؤخراً؛ والجملة خبر {إن}؛ والأول أولى؛ لأنه يجعل الجملة جملة واحدة؛ وهنا انسبك قوله تعالى: {أأنذرتهم} بمصدر مع أنه ليس فيه حرف مصدري؛ لكنهم يقولون: إن همزة الاستفهام التي للتسوية يجوز أن تسبك، ومدخولها بمصدر ..

قوله تعالى: {إن الذين كفروا} أي بما يجب الإيمان به ..

قوله تعالى: {سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون}: هذا تسلية من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم. لا اعتذاراً للكفار.، ولا تيئيساً له صلى الله عليه وسلم و "الإنذار" هو الإعلام المقرون بالتخويف؛ والرسول صلى الله عليه وسلم بشير، ونذير؛ بشير معلم بما يسر بالنسبة للمؤمنين؛ نذير معلم بما يسوء بالنسبة للكافرين؛ فإنذار النبي صلى الله عليه وسلم وعدمه بالنسبة لهؤلاء الكفار المعاندين، والمخاصمين. الذين تبين لهم الحق، ولكن جحدوه. مستوٍ عليهم ..
الصحابي حجة ما لم يخالف النص؛ فإن خالف نصاً فليس بحجة؛ أو يخالفه صحابي آخر؛ فإن خالفه صحابي آخر نظر في الترجيح أيهما أقرب إلى الصواب.

٢١ - ومن فوائد الآية: أنه يجب على المرء الذي هداه الله ألا يعجب بنفسه، وألا يظن أن ذلك من حوله، وقوته؛ لقوله تعالى: {فهدى الله}، ثم قال تعالى: {بإذنه} أي أمره الكوني القدري؛ ولولا ذلك لكانوا مثل هؤلاء الذين ردوا الحق بغياً وعدواناً.

٢٢ - ومنها: الإيماء إلى أنه ينبغي للإنسان أن يسأل الهداية من الله؛ لقوله تعالى: {فهدى الله الذين آمنوا}.

٢٣ - ومنها: إثبات الأفعال الاختيارية لله؛ لقوله تعالى: {فهدى الله}، وكذلك لقوله تعالى: {بإذنه}.

٢٤ - ومنها: أن أفعال العباد واقعة بإرادة الله وخلقه.

٢٥ - ومنها: أن إذن الله نوعان: كوني، وشرعي؛ وسبق بيانهما في قوله تعالى: {فإنه نزله على قلبك بإذن الله} [البقرة: ٩٧].
٢٦ - ومنها: إثبات مشيئة الله في أفعال العباد؛ لقوله تعالى: {والله يهدي من يشاء}.

٢٧ - ومنها: أن كل ما سوى الشرع فهو طريق معوج؛ لقوله تعالى: {إلى صراط مستقيم}.

٢٨ - ومنها: أن الشرع لا ضيق فيه، ولا اعوجاج، ولا تعب؛ لأنه صراط واسع، ومستقيم.

الصفحة 36