كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 1)

و"الزكاة" في اللغة النماء، والزيادة؛ ومنه قولهم: "زكا الزرع" إذا نما، وزاد؛ وفي الشرع هي دفع مال مخصوص لطائفة مخصوصة تعبداً لله عز وجل؛ وسميت زكاة؛ لأنها تزكي الإنسان، كما قال الله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة: ١٠٣]؛ فهي تزكي الإنسان في أخلاقه، وعقيدته، وتطهره من الرذائل؛ لأنها تخرجه من حظيرة البخلاء إلى حظيرة الأجواد، والكرماء؛ وتكفِّر سيئاته ..

قوله تعالى: {وما تقدموا لأنفسكم}؛ {ما} شرطية؛ لأنها جزمت فعل الشرط، وجوابه ..

قوله تعالى: {من خير} يشمل ما يقدمه من المال، والأعمال؛ وهو بيان للمبهم في اسم الشرط ..

ضعف إلى أضعاف كثيرة، كما قال تعالى: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء} [البقرة: ٢٦١].
قوله تعالى: {إن الله بما تعملون بصير}؛ هذه الجملة مؤكدة بـ {إن} مع أن الخطاب ابتدائي؛ إذ إنه لم يوجه إلى متردد، ولا منكر؛ والخطاب إذا لم يوجه لمنكر، ولا متردد فإنه يسمى ابتدائياً؛ والابتدائي لا يؤكد؛ لأنه لا حاجة لذلك؛ ولكنه قد يؤكد لا باعتبار حال المخاطب؛ لكن باعتبار أهمية مدلوله؛ فهنا له أهمية عظيمة: أن الله سبحانه وتعالى يخبرنا أنه بكل ما نعمل بصير؛ و {ما} اسم موصول يفيد العموم؛ أي بما نعمل قلبياً،

الصفحة 363