كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 1)

الحق للجهل به؛ ثم إذا تبين له الحق اتبعه إذا كان المانع له من اتباعه الجهل؛ لكن العالم لا عذر له ..

. ٣ ومن فوائد الآية: إثبات يوم القيامة؛ لقوله تعالى: {فالله يحكم بينهم يوم القيامة}؛ والإيمان بيوم القيامة أحد أركان الإيمان الستة؛ ولأهميته يقرنه الله سبحانه وتعالى كثيراً بالإيمان به عز وجل ...
٤ ومنها: إثبات الحكم لله عز وجل؛ لقوله تعالى: {فالله يحكم بينهم}؛ وحكم الله سبحانه وتعالى ينقسم إلى ثلاثة أقسام: شرعي، وكوني، وجزائي؛ فالشرعي: مثل قوله تعالى في سورة الممتحنة: {ذلكم حكم الله يحكم بينكم} [الممتحنة: ١٠]؛ والكوني: مثل قوله تعالى عن أخي يوسف: {فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين} [يوسف: ٨٠]؛ والجزائي: مثل هذه الآية: {فالله يحكم بينهم يوم القيامة}؛ والحكم الجزائي هو ثمرة الحكم الشرعي؛ لأنه مبني عليه: إن خيراً فخير؛ وإن شراً فشر؛ هذا الحكم يوم القيامة بين الناس إما بالعدل؛ أو بالفضل؛ ولا يمكن أن يكون بالظلم؛ لقوله تعالى: {وما ربك بظلام للعبيد} [فصلت: ٤٦]، وقوله تعالى: {ولا يظلم ربك أحداً} [الكهف: ٤٩]، وقوله تعالى في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً" (¬١)؛ هذا بالنسبة لحقوق الله؛ أما بالنسبة لحقوق الخلق فيما بينهم فيقضى بينهم بالعدل ..

فإذا قال قائل: إذا كان الله تعالى يجزي المؤمنين بالفضل،
---------------
(¬١) أخرجه مسلم ص ١١٢٩، كتاب البر والصلة، باب ١٥: تحريم الظلم، حديث رقم ٦٥٧٢ [٥٥] ٢٥٧٧.

الصفحة 375