كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 1)

٢ ومنها: إعجاب المنافقين بأنفسهم؛ لقولهم: (أنؤمن كما آمن السفهاء)

. ٣ ومنها: شدة طغيان المنافقين؛ لأنهم أنكروا على الذين عرضوا عليهم الإيمان: {قالوا أنؤمن}؛ وهذا غاية ما يكون من الطغيان؛ ولهذا قال الله تعالى في آخر الآية: {في طغيانهم يعمهون} [البقرة: ١٥] ..

. ٤ ومنها: أن أعداء الله يصفون أولياءه بما يوجب التنفير عنهم لقولهم: {أنؤمن كما آمن السفهاء}؛ فأعداء الله في كل زمان، وفي كل مكان يصفون أولياء الله بما يوجب التنفير عنهم؛ فالرسل وصفهم قومهم بالجنون، والسحر، والكهانة، والشعر تنفيراً عنهم، كما قال تعالى: {كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون} [الذاريات: ٥٢]، وقال تعالى: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين} [الفرقان: ٣١] وورثة الأنبياء مثلهم يجعل الله لهم أعداء من المجرمين، ولكن {وكفى بربك هادياً ونصيراً} [الفرقان: ٣١]؛ فمهما بلغوا من الأساليب فإن الله تعالى إذا أراد هداية أحد فلا يمنعه إضلال هؤلاء؛ لأن أعداء الأنبياء يسلكون في إبطال دعوة الأنبياء مَسْلكين؛ مسلك الإضلال، والدعاية الباطلة في كل زمان، ومكان؛ ثم مسلك السلاح. أي المجابهة المسلحة؛ ولهذا قال تعالى: {هادياً} [الفرقان: ٣١] في مقابل المسلك الأول الذي هو الإضلال. وهو الذي نسميه الآن بالأفكار المنحرفة، وتضليل الأمة، والتلبيس على عقول أبنائها؛ وقال تعالى: {ونصيراً} [الفرقان: ٣١] في مقابل المسلك الثاني. وهو المجابهة المسلحة ..

.
ومنها أن يكونوا تحت راية إمام يجاهدون بأمره.

٢ - ومنها: أنه لا حرج على الإنسان إذا كره ما كتب عليه؛ لا كراهته من حيث أمَر الشارع به؛ ولكن كراهته من حيث الطبيعة؛ أما من حيث أمر الشارع به فالواجب الرضا، وانشراح الصدر به.

٣ - ومنها: أن البشر لا يعلمون الغيب؛ لقوله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم}.

٤ - ومنها: أن الله قد يحكم حكماً شرعياً، أو كونياً على العبد بما يكره وهو خير له.

٥ - ومنها: عموم علم الله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: {والله يعلم}؛ فحذف المفعول يفيد العموم، كما قال تعالى: {ألم يجدك يتيماً فآوى * ووجدك ضالًّا فهدى * ووجدك عائلًا فأغنى} [الضحى: ٦ - ٨]: كلها محذوفة المفاعيل: آواك، وآوى بك أيضاً؛ وأغناك، وأغنى بك؛ وهداك، وهدى بك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: «ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي؛ وعالة فأغناكم الله بي» (¬١).
٦ - ومنها: ضعف الإنسان، وأن الأصل فيه عدم العلم؛ لقوله تعالى: {وأنتم لا تعلمون}، كما قال تعالى: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً} [النحل: ٧٨]، وقال ممتناً على رسوله صلى الله عليه وسلم: {وعلَّمك ما لم تكن تعلم} [النساء: ١١٣].
---------------
(¬١) سبق تخريجه ٢/ ٤٢٧، حاشية رقم (١).

الصفحة 50