كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 1)

يعني من أقر بتوحيد الربوبية لزمه أن يقر بتوحيد الألوهية؛ ومن أقر بتوحيد الألوهية فإنه لم يقرَّ بها حتى كان قد أقر بتوحيد الربوبية ..

الفوائد:

. ١ من فوائد الآية: بيان رحمة الله تعالى، وحكمته في جعل الأرض فراشاً؛ إذ لو جعلها خشنة صلبة لا يمكن أن يستقر الإنسان عليها ما هدأ لأحد بال؛ لكن من رحمته، ولطفه، وإحسانه جعلها فراشاً ..

. ٢ ومنها: جعْل السماء بناءً؛ وفائدتنا من جعل السماء بناءً أن نعلم بذلك قدرة الله عزّ وجلّ؛ لأن هذه السماء المحيطة بالأرض من كل الجوانب نعلم أنها كبيرة جداً، وواسعة، كما قال تعالى: {والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون} (الذاريات: ٤٧) ..
٣ ومنها: بيان قدرة الله عزّ وجلّ بإنزال المطر من السماء؛ لقوله تعالى: {وأنزل من السماء ماء}؛ لو اجتمعت الخلائق على أن يخلقوا نقطة من الماء ما استطاعوا؛ والله تعالى ينزل هذا المطر العظيم بلحظة؛ وقصة الرجل الذي دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قال: ادع الله يغيثنا، فرفع (صلى الله عليه وسلم يديه، وقال: "اللهم أغثنا" (¬١)، وما نزل من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته ..
---------------
(¬١) أخرجه البخاري ص ٧٩، أبواب الاستسقاء، باب ٧: الاستسقاء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة، حديث رقم ١٠١٤؛ وأخرجه مسلم ص ٨١٧، كتاب صلاة الاستسقاء، باب ٢: الدعاء في الاستسقاء، حديث رقم ٢٠٧٨ [٨] ٨٩٧.
مشركة}: أطلق الخيرية ليعم كل ما كان مطلوباً في المرأة؛ {ولو أعجبتكم} أي سرتكم، ونالت إعجابكم في جمالها، وخلقها، ومالها، وحسبها، وغير ذلك من دواعي الإعجاب.

فإن قيل: كيف جاءت الآية بلفظ: {خير من مشركة} مع أن المشركة لا خير فيها؟ فالجواب من أحد وجهين:
الأول: أنه قد يرد اسم التفضيل بين شيئين، ويراد به التفضيل المطلق - وإن لم يكن في جانب المفضل عليه شيء منه -، كما قال تعالى: {أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً وأحسن مقيلًا} [الفرقان: ٢٤].

الثاني: أن المشركة قد يكون فيها خير حسي من جمال، ونحوه؛ ولذلك قال تعالى: {ولو أعجبتكم}؛ فبين سبحانه وتعالى أن ما قد يعتقده ناكح المشركة من خير فيها فإن نكاح المؤمنة خير منه.

قوله تعالى: {ولا تُنكحوا المشركين} بضم التاء؛ أي لا تزوجوهم؛ {حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم} سبق بيان ذلك عند قوله تعالى: {حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة}.

قوله تعالى: {أولئك يدعون إلى النار} هذه الجملة تعليل لما سبق؛ والمشار إليه فيها أهل الشرك - أي يدعون الناس إلى النار بأقوالهم، وأفعالهم، وأموالهم -؛ حتى إنهم يبنون المدارس، والمستشفيات، ويلاطفون الناس في معاملتهم خداعاً، ومكراً؛ ولكن قد بين الله نتيجة عملهم في قوله تعالى: {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون

الصفحة 77