كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 1)

ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: {أفلم يدَّبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين} [المؤمنون: ٦٨]، ثم قال تعالى: {أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون} [المؤمنون: ٦٩]؛ وهذا مطَّرد في القرآن الكريم ..

قوله تعالى: {في ريب}: "الريب" يفسره كثير من الناس بالشك؛ ولا شك أنه قريب من معنى الشك، لكنه يختلف عنه بأن "الريب" يُشعر بقلق مع الشك، وأن الإنسان في قلق عظيم مما وقع فيه الشك؛ وذلك؛ لأن ما جاء به الرسول حق؛ والشاك فيه لا بد أن يعتريه قلق من أجل أنه شك في أمر لا بد من التصديق به؛ بخلاف الشك في الأمور الهينة، فلا يقال: "ريب"؛ وإنما يقال في الأمور العظيمة التي إذا شك فيها الإنسان وجد في داخل نفسه قلقاً، واضطراباً ..
قوله تعالى: {مما نزَّلنا}: المراد به القرآن؛ لأن الله أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم {على عبدنا}: هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والله. تبارك وتعالى. وصف رسوله صلى الله عليه وسلم بالعبودية في المقامات العالية: في الدفاع عنه؛ وفي بيان تكريمه بالمعراج، والإسراء؛ وفي بيان تكريمه بإنزال القرآن، كما قال تعالى: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} [الفرقان: ١]، وقال تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً} [الإسراء: ١]، وقال تعالى: {فأوحى إلى عبده ما أوحى} [النجم: ١٠]، وقال تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا}: هذا في مقام التحدي، والمدافعة؛ وأفضل أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم هي العبودية، والرسالة؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم "إنما أنا عبد؛ فقولوا:
التفسير:

{٢٢٢} قوله تعالى: {يسألونك} أي الناس، أو المسلمون؛ {عن المحيض}: يحتمل أن تكون مصدراً ميمياً فتكون بمعنى الحيض؛ أو تكون اسم مكان فيكون المراد به مكان الحيض؛ وهو الفَرْج؛ ولكن الأرجح الاحتمال الأول؛ لقوله تعالى: {قل هو أذًى}؛ فإنه لا يحتمل عوده إلى مكان الحيض.
قوله تعالى: {قل هو أذًى}: أي لكل من الزوج، والزوجة، وبيان ذلك عند الأطباء.

قوله تعالى: {فاعتزلوا النساء} أي اجتنبوا؛ والفاء هنا للتفريع، أو للسببية؛ أي فيتفرع على كونه أذًى توجيه الأمر إليكم باعتزال النساء؛ أو: فبسبب كونه أذًى اعتزلوا النساء في المحيض؛ والمقصود بـ {النساء} هنا الحائضات؛ لقوله تعالى: {في المحيض}؛ والمراد بـ {المحيض} هنا مكان الحيض - وهو الفرج -؛ فهي ظرف مكان؛ أي لا تجامعوهن في فروجهن؛ لأنه مكان الحيض.

قوله تعالى: {ولا تقربوهن}، أي لا تقربوا جماعهن كما يدل عليه ما قبله.

قوله تعالى: {حتى يطهرن} بسكون الطاء، وتخفيف الهاء - أي حتى يطهرن من المحيض بانقطاعه -؛ وفي قراءة {حتى يطّهرن} بتشديد الطاء، والهاء - أي يتطهرن من المحيض بالاغتسال -، كقوله تعالى: {وإن كنتم جنباً فاطهروا} [المائدة: ٦] أي اغتسلوا؛ وعلامة الطهر للمرأة القَصة البيضاء بأن لا تتغير القطنة إذا احتشت بها؛ وهذا هو الغالب في النساء؛ لكن بعض النساء لا ترى ذلك

الصفحة 81