كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 1)

٦ ومنها: تحدي هؤلاء العابدين للآلهة مع معبوديهم؛ وهذا أشد ذلاًّ مما لو تُحدوا وحدهم ..

القرآن

(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) (البقرة: ٢٤)

التفسير:

. {٢٤} قوله تعالى: {فإن لم تفعلوا} يعني فإن لم تأتوا بسورة من مثله ..

ولما قال تعالى: {فإن لم تفعلوا}. وهي شرطية. قطع أطماعهم بقوله: {ولن تفعلوا} يعني: ولا يمكنكم أن تفعلوا؛ و {لن} هنا للتأبيد؛ لأن المقام مقام تحدٍّ ..

قوله تعالى: {فاتقوا النار}: الفاء هنا واقعة في جواب الشرط. وهو {إن لم تفعلوا} يعني: إن لم تفعلوا، وتعارضوا القرآن بمثله فالنار مثواكم؛ فاتقوا النار. ولن يجدوا ما يتقون به النار إلا أن يؤمنوا بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم

قوله تعالى: {التي وقودها الناس والحجارة}؛ {التي} اسم موصول صفة لـ {النار}؛ و {وقود} مبتدأ؛ و {الناس} خبر المبتدأ؛ والجملة: صلة الموصول؛ و "الوقود" ما يوقد به الشيء، كالحطب. مثلاً. في نار الدنيا؛ في الآخرة وقود النار هم الناس، والحجارة؛ فالنار تحرقهم، وتلتهب بهم؛ و {الحجارة}: قال بعض العلماء: إن المراد بها الحجارة المعبودة. يعني
تعالى: {قل هو أذًى فاعتزلوا النساء في المحيض}؛ وقد يتقدم الحكم على العلة - وهو الأكثر كما في قوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس} [الأنعام: ١٤٥]، وكما في الحديث الصحيح: «إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس من أجل أن ذلك يحزنه» (¬١).
٨ - ومن فوائد الآية: وجوب اعتزال المرأة حال الحيض؛ لقوله تعالى: {فاعتزلوا النساء في المحيض}؛ وقد بينت السنة ماذا يعتزل منهن - وهو الجماع -؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» (¬٢).

٩ - ومنها: منة الله على الرجل والمرأة في اعتزالها حال الحيض؛ لأنه أذًى مضر بالمرأة، ومضر بالرجل.

١٠ - ومنها: تحريم الوطء بعد الطهر قبل الغسل؛ لقوله تعالى: {فإذا تطهرن فأتوهن}.

١١ - ومنها: وجوب جماع الزوجة بعد طهرها من الحيض؛ لقوله تعالى: {فأتوهن}؛ وقد قال به بعض أهل العلم؛ ولكن هذا القول ضعيف جداً؛ والصواب أن الأمر فيه لرفع الحظر؛
---------------
(¬١) أخرجه البخاري ص ٥٣٠، كتاب الاستئذان، باب ٤٧: إذا كانوا أكثر من ثلاثة ... ، حديث رقم ٦٢٩٠، وأخرجه مسلم ص ١٠٦٦، كتاب السلام، باب ١٥: تحريم مناجاة الاثنين دون الثالث بغير رضاه، حديث رقم ٥٦٩٦ [٣٧] ٢١٨٤.
(¬٢) أخرجه مسلم ص ٧٢٨، كتاب الحيض، باب ٣: جواز غسل الحائض رأس زوجها ... ، حديث رقم ٦٩٤ [١٦] ٣٠٢.

الصفحة 84