كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 1)

وأما كيفية الإعجاز فهي تحدي الجن، والإنس على أن يأتوا بمثله، ولم يستطيعوا ..

مسألة:. ثانية:.

حكى الله عزّ وجلّ عن الأنبياء، والرسل، ومن عاندهم أقوالاً؛ وهذه الحكاية تحكي قول من حُكيت عنه؛ فهل يكون قول هؤلاء معجزاً. يعني مثلاً: فرعون قال لموسى: {لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين} [الشعراء: ٢٩]: هذا يحكيه الله عزّ وجلّ عن فرعون؛ فيكون القول قول فرعون؛ فكيف كان قول فرعون معجزاً والإعجاز إنما هو قول الله عزّ وجلّ؟

فالجواب: أن الله تعالى لم يحك كلامهم بلفظه؛ بل معناه؛ فصار المقروء في القرآن كلام الله عزّ وجلّ. وهو معجز ..

القرآن

(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة: ٢٥)

التفسير:.
{٢٥} مناسبة الآية لما قبلها أن الله لما ذكر وعيد الكافرين المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم ذكر وعد المؤمنين به، فقال تعالى: {وبشر ... } الآية؛ و "البشارة" هي الإخبار بما يسر؛ وسميت بذلك لتغير بَشَرة المخاطَب بالسرور؛ لأن الإنسان إذا
٥ - ومنها: مشروعية أن ينوي الإنسان بجماعه الولد؛ لقوله تعالى: {فأتوا حرثكم}؛ فجعل الإتيان للحرث؛ فكأنه أشار إلى أنه ينبغي للإنسان أن يأتي المرأة من أجل طلب الولد؛ وقد ذكروا عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أنه ما جامع إلا بقصد الولد؛ وعلى كل حال الناس مختلفون في هذا؛ ولا مانع من أن الإنسان يريد بذلك الولد، ويريد بذلك قضاء الوطر.

٦ - ومنها: أنه ينبغي للإنسان أن يحافظ على هذه المرأة التي أضيفت له، وسميت حرثاً له كما يحافظ على حرث أرضه.
٧ - ومنها: أنه يشرع للمرء أن يقدم لنفسه عند الجماع؛ لقوله تعالى: {وقدموا لأنفسكم}؛ وسبق معنى قوله تعالى: {وقدموا لأنفسكم}.

٨ - ومنها: وجوب تقوى الله؛ لقوله تعالى: {واتقوا الله}.

٩ - ومنها: وجوب معاملة الأهل حسب ما شرع الله؛ لأن ذلك من تقوى الله؛ ولقوله تعالى: {من حيث أمركم الله}.

١٠ - ومنها: إثبات البعث؛ لقوله تعالى: {واعلموا أنكم ملاقوه}.

١١ - ومنها: إثبات رؤية الله؛ لقوله تعالى: {ملاقوه}؛ والملاقاة في الأصل المقابلة مع عدم الحاجب.

١٢ - ومنها: تهديد الإنسان من المخالفة؛ لأنه لما أمر بالتقوى قال تعالى: {واعلموا أنكم ملاقوه}.

١٣ - ومنها: أن من البلاغة إذا أخبرت إنساناً بأمر هام أن تقدم بين يدي الخبر ما يقتضي انتباهه؛ لقوله تعالى: {واعلموا}؛ وهذا مما يزيد الإنسان انتباهاً وتحسباً لهذه الملاقاة.

الصفحة 89