كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: المقدمة)
بقارئ (يعني لستُ أعرف القراءة) فذكر الحديث، وفيه ثم قال: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) إلى قوله: (عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) [العلق: ١ - ٥] وفيهما (¬١)
عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث عن فترة الوحي: "بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء" فذكر الحديث، وفيه: فأنزل الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُقُمْ فَأَنْذِرْوَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) إلى (المدثر: ١ - ٥).
وثمت آيات يقال فيها: أول ما نزل، والمراد أوّل ما نزل باعتبار شيء معين، فتكون أوليّة مقيدة مثل: حديث جابر رضي الله عنه في "الصحيحين" (¬٢) أن أبا سلمة بن عبد الرحمن سأله: أي القرآن أنزل أول؟ قال جابر: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) [المدثر: ١] قال أبو سلمة: أنبئت أنه (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) [العلق: ١] فقال جابر: لا أخبرك إلا بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جاورت في حراء فلما قضيت جواري هبطت" فذكر الحديث وفيه: "فأتيت خديجة، فقلت: دثروني، وصبَّوا عليّ ماءً بارداً، وأنزل عليّ: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) إلى قوله: (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) [المدثر: ١ - ٥] "
فهذه الأوَّلية التي ذكرها جابر رضي الله عنه باعتبار أول ما نزل بعد فترة الوحي، أو أول ما نزل في شأن الرسالة؛ لأن ما نزل من
---------------
(¬١) أخرجه البخاري، كتاب بدء الوحي، باب ١: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم ٤؛ ومسلم، كتاب الإيمان، باب ٧٣: بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم ٤٠٦ [٢٥٥] ١٦١ ..
(¬٢) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب ٣: قوله: (يا أيها المدثر)، حديث رقم ٤٩٢٤؛ ومسلم، كتاب الإيمان، باب ٧٣: بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم ٤٠٩ [٢٥٧] ١٦١.