كتاب تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (اسم الجزء: 1)
[المجلد الاول]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة «المحرر الوجيز» لابن عطية
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى. وبعد- فقد قال ربنا جل شأنه كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [ص: ٢٩] وقال سبحانه: وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [الزمر: ٢٧، ٢٨] .
وقال عز من قائل: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها [محمد: ٢٤] وقال عز شأنه: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: ١٧] وقال عبد الله بن مسعود: من أراد العلم فليثوّر القرآن «١» .
وفي رواية أخرى أثيروا القرآن فإن فيه خبر الأولين والآخرين.
وتثوير القرآن: مناقشته ومدارسته والبحث فيه. وهو ما يعرف به.
علم التفسير
وهو في اللغة: مصدر فسّر.. بمعنى الإيضاح والتبيين. قال تعالى: وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً [الفرقان: ٣٣] أي بيانا وتفصيلا.
والفسر: البيان وكشف المغطى.
قال أبو حيان: ويطلق التفسير أيضا على التعرية للانطلاق، يقال: فسرت الفرس: عرّيته لينطلق، وهو راجع لمعنى الكشف، فكأنه كشف ظهره لهذا الذي يريده منه من الجري.
أما في الاصطلاح
فقد عرف بعدة تعريفات منها:
هو: علم يبحث عن كيفية النطق بألفاظ القرآن، ومدلولاتها، وأحكامها الإفرادية والتركيبية، ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب، وتتمات ذلك «٢» .
---------------
(١) من رفعه وهم، انظر مجمع الزوائد (٧/ ١٦٥) .
(٢) هكذا عرفه أبو حيان في مقدمة البحر المحيط (١٠/ ١٣) .
الصفحة 3
566