"""""" صفحة رقم 11 """"""
جميع ما في الباب محمول على الاستحباب وعد من ذلك الستر وفسره بقوله عن عيون الناس فقد تبع في هذه العبارة أكثر الأصحاب، وقد استشكل ذلك على الأصحاب الجيلي ثم النووي كلاهما في شرح التنبيه فقالا: إن عد ذلك أدباً فيه إشكال لأن ستر العورة واجب وعبارة الروضة حسنة فإنه قال: أن يستر عورته عن العيون فيمكن حمل العيون على عيون الجن فيصح عد ذلك أدباً بهذا الاعتبار، وقد ظهر تأويل حسن لعبارة من قال: عن عيون الناس ذكرته في حاشية الروضة وهو أنه ليس المراد بالناس الحاضرين بل من قد يمر من الطارقين حال قضاء الحاجة، فخوطب من أراد قضاء الحاجة وهو خال من المارين بالاستعداد للاستتار لاحتمال أنه إذا جلس بلا سترة يمر عليه فجأة مار فيقع بصره على عورته، وهذا مستحب بلا شك لأنه ليس فيه كشف العورة بحضرة أحد، وقد يفرغ من حاجته قبل أن يمر أحد أو يشعر بمن مر قبل أن يراه فينحرف أو يرخي ذيله، وهذا التأويل حسن أو متعين، فيفسر قولهم: عن عيون الناس أي الطارقين بغتة لا الحاضرين، أما الحاضرون فالستر عنهم واجب، وحاصل الفرق أن النظر من الحاضرين حاصل في الحال فكان الستر واجباً ومن الطارقين متوقع إو متوهم فكان أدباً إذ لا تكليف قبل الحصول، ويحتمل أن يقال بالتفرقة بين وصوره، فمن كان قريباً من الناس بحيث يميز البصر عورته حرم الكشف للبول والاستنجاء بحضرتهم عليه، ومن كان بعيداً وهم يرونه على بعد من غير تمييز لعورته ولا إدراك للون جلده بل إنما يرون شبحاً كما يقع كثيراً لمن يستنجي على شطوط الأنهار، فهذا يظهر أن يقال فيه بالجواز، ويظهر أن يقال بالجواز أيضاً في صورة وهو أن يأخذه البول وهو في مكان محبوس بين جماعة ولا سبيل إلى جهة يستتر بها، فهذا يجوز له التكشف للبول وعليهم غض أبصارهم، وكذا لو احتاج إلى الاستنجاء وقد ضاق وقت الصلاة ولم يجد بحضرة الماء مكاناً خالياً فهذا أيضاً يجوز له وعليهم الغض والله أعلم.
مسألة: لو شم الشخص يده بعد الاستنجاء فأدرك فيها رائحة النجاسة فقد صرح النووي بنجاسة اليد دون المحل وهو مشكل لأن اليد منفصلة عن المحل ومكتسبة منه.
الجواب: ذكر في شرح المهذب أن المسألة مبنية على مسألة ما لو غسلت النجاسة وبقيت رائحتها يعني مع العسر والأرجح فيها الطهارة فكذلك هنا الأرجح طهارة المحل، وأما اليد فلم تغسل بعد فهي باقية على النجاسة يجب غسلها.
باب الوضوء
مسألة: لو بالغ في المضمضة وهو صائم هل يحرم أو يكره؟
الجواب: المبالغة للصائم مكروهة، صرح بالكراهة في شرح المهذب.
مسألة: لو نوى الاعتراف بعد غسل الوجه فهل يحتاج إلى تجديد النية لكون نية الاغتراف قاطعة لرفع الحدث كما لو طرأت نية التبرد؟