كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 14 """"""
إليه على هذا ، قال ابن السبكي في الطبقات : كان أبو بكر الضبعي يذهب إلى أن تراب الولوغ يجوز أن يكون نجساً وهو وجه غريب حكاه الرافعي ، قال أبو عاصم : وذكر أنه ركب يوماً فأصاب ذراعه طين من وحل كلب فأمر جاريته بغسله وتعفيره فقالت الجارية : أما في الطين تراب ؟ فقال : أحسنت أنت أفقه مني انتهى ما حكاه ابن السبكي ، وهذه عين المسألة المسؤول عنها ، وقد صرح ابن السبكي بأن ارتضاءه بعدم التعفير مبني على رأيه من الاكتفاء بالتراب النجس وهو وجه ضعيف ، فيكون على مقابله وهو الأصح محتاجاً إلى التعفير وقد أوضحنا علته ، وأما الفرق بينه وبين ما يصيب من الغسلة الثانية بعد التعفير فهو أنه من شيء وقع تعفيره لا من شيء لم يطلب تعفيره في الأصل ، وقد تقرر أن حكم غسالة النجاسة كحكم المغسول بها بعد غسلها فما كان حكمه كان حكم ما أصابته.
مسألة : لو أكل الشخص لحم كلب أو خنزير يرو أنه من غير استحالة هل يسبع المحل ؟
الجواب : لا يسبع نص عليه الإمام الشافعي رضي الله عنه ونقله المتأخرون.
مسألة : إذا وقع أو ألقى في الخمر عين طاهرة كحصاة أو جريدة أو شيء مما يؤكل وأزيل ثم انقلبت خلاً هل تطهر أولا ؟ وإذا بقي فيها شيء مما ذكر حتى صارت خلاً هل ينجسها أولا ؟ وإذا انفصل شيء من الخمر أو فصل وعاد إليه أو أعيد أو صب عليها خمر ثم انقلبت خلاً هل تطهر أم لا ؟
الجواب : عن الصورة الأولى أنها تطهر ففي فتاوي النووي : إذا وقعت في الخمر نجاسة أخرى كعظم ميتة ونحوه فأخرجت منها ثم انقلبت الخمر خلاً لم تطهر بلا خلاف ذكره صاحب التتمة ، وعبارة الزركشي في الديباج : الخمر إذا تخللت تطهر إجماعاً ، قال في التتمة : هذا إن لم يقع فيه نجاسة أخرى ، فإن وقعت ثم أخرجت وتخللت لم تطهر قطعاً ، ففرض المسألة فيما إذا كان الواقع نجاسة وأخرجت قبل التخليل يقتضي أنه لو لاقاها عين طاهرة وأخرجت قبل التخليل فإنها تطهر إذا تخللت فإن المدرك هنا طرف نجس أجنبي ، ومنه أخذ من أخذ أن النجس نجس وهو هنا مفقود ، ولا عبرة بما عساه يتوهم من أن العين تنجس ثم تنجس فإن ذاك إنما يظهر أثر بعد الانقلاب كما لا يخفي ، ومن نظائر ذلك أن طروء النجس الأجنبي يمنع الاستنجاء بالحجر ولا يمنعه مر الحجر الطاهر من أول المحل إلى آخره وإن تلوث بأول جزء إذا لم ينفصل ، وكذا مر الماء على الثوب النجس المراد تطهيره وعلى محل الحدث.
وحاصل ما ذكرناه التفرقة بين النجسة والطاهرة في الملاقاة قبل التخليل لما في الأولى من طروء نجاسة أجنبية وإلى ذلك يشير قول النووي : نجاسة أخرى والتفرقة في الطاهرة بين ما إذا زالت قبل التخليل وما إذا بقيت بعده فإنها في الحالة الأولى مشاكلة وفي الثانية مغايرة فإنها في الأولى متلوثة بخمر في خمر فلا تؤثر. وفي الثانية متلوثة بخمر في خل فتنجس ، وعن الثانية أنها لا تطهر على الأصح وهي منقول الكتب ، وعن الثالثة أن الظاهر أنها تطهر لأنه لا فرق في وضع الخمر في الدن بين أن يوضع دفعة واحدة أو شيئاً بعد شيء ، فصب

الصفحة 14