"""""" صفحة رقم 16 """"""
كسائر الجامدات إذا طرأت نجاستها ، وحكى الربيع الجيزي عن الشافعي أن الشعر تابع للجلد يطهر بطهارته وينجس بنجاسته ، وهذا أقوى المذاهب كما سنذكره.
وأما المقدمة الثانية : فللعلماء في جلود الميتة سبعة مذاهب : أحدها لا يطهر بالدباغ شيء منها ، روى ذلك عن عمر بن الخطاب ، وابنه ، وعائشة وهو أشهر الروايتين عن أحمد ، ورواية عن مالك. والثاني يطهر بالدبغ جلد مأكول اللحم دون غيره ، وهو مذهب الأوزاعي ، وابن المبارك ، وأبي ثور. وأسحق بن راهوية ، ورواية أشهب عن مالك. والثالث يطهر به كل جلود الميتة إلا الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما وهو مذهب الشافعي ، وحكوه عن علي بن أبي طالب ، وابن مسعود ، والرابع يطهر به الجميع إلا جلد الخنزير ، وهو مذهب أبي حنيفة ، ورواية عن مالك حكاها ابن القطان ، والخامس يطهر الجميع حتى الكلب والخنزير إلا أنه يطهر ظاهره دون باطنه فيستعمل في اليابس دون الرطب ويصلي عليه لا فيه وهو مذهب مالك فيما حكاه أصحابنا عنه ، والسادس يطهر الجميع حتى الكلب والخنزير ظاهراً وباطناً ، قاله داود وأهل الظاهر وحكاه الماوردي عن أبي يوسف وحكاه غيره عن سحنون من المالكية ، والسابع ينتفع بجلود الميتة بلا دباغ ويجوز استعمالها في الرطب واليابس حكوه عن الزهري ، واحتج أصحاب المذهب الأول بأشياء. منها قوله تعالى : ) حرمت عليكم الميتة والدم ( هو عام في الجلد وغيره ، وبحديث عبد الله ابن عكيم قال : أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم قبل موته بشهر ( أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ) وهذا الحديث هو عمدتهم ، وقد أخرجه الشافعي في حرملة ، وأحمد في مسنده ، والبخاري في تاريخه ، وأبو داود ، والترمذي وحسنه ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن حبان ، والدارقطنى ، والبيهقي ، وغيرهم ، قال الترمذي : سمعت أحمد بن الحسين يقول : كان أحمد بن حنبل يذهب إلى حديث ابن عكيم هذا لقوله قبل وفاته بشهر وكان يقول : هذا آخر الأمر ، قالوا : ولأنه جزء من الميتة فلا يطهر بشيء كاللحم ، ولأن المعنى الذي نجس به هو الموت وهو ملازم له لا يزول بالدبغ ولا يتغير الحكم ، واحتج أصحاب المذهب الثالث بما أخرجه مسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي عن ابن عباس ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : ( إذا دبغ الإهاب فقد طهر ) وفي لفظ : ( أيما إهاب دبغ فقد طهر ) وبما أخرجه البخاري ، ومسلم عن ابن عباس ( أن النبي صلى الله عليه وسلّم مر بشاة ميتة فقال : هلا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به ؟ قالوا : يا رسول الله إنها ميتة قال : ( إنما حرم أكلها ) وبما أخرجه البخاري عن سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلّم قال : ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها ثم ما زلنا ننتبذ فيه حتى صار شناً ، روى أبو يعلى في مسنده بإسناد صحيح عن ابن عباس قال : ( ماتت شاة لسودة فقالت : يا رسول الله ماتت فلانة يعني الشاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : فهلاّ أخذتم مسكها ؟ قالت : نأخذ مسك شاة قد ماتت ) فذكر تمام الحديث كرواية البخاري وروي مالك