كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 22 """"""
رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن الجبن والفراء؟ فقال: (الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفى عنه) هذا الحديث بنص رسول الله صلى الله عليه وسلّم صريح في إباحة الفراء كما هو نص استدلوا به في إباحة الجبن ولهذا بوب عليه الترمذي)

باب لبس الفراء
(وإنما وقع السؤال عن هذين بخصوصهما لما قد يتوهم من نجاستهما لما في الجبن من الأنفحة ولكون الفراء من ميتة، ولو كان المراد الفراء المذكاة لم يحسن السؤال عنها للعلم بطهارتها قطعاً، وقد أجاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم عنهما معاً بأنهما مما عفا الله عنه، ولهذا الحديث شاهد موقوف على سلمان، وأخرج عن الحسن مرسلاً، قال الترمذي: وفي الباب عن المغيرة يشير إلى أن للحديث شاهداً من حديث المغيرة وله شاهد آخر عن أنس أخرج الطبراني في الأوسط عن راشد الحماني قال: رأيت أنس بن مالك عليه فرو أحمر فقال: كانت لحفنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم نلبسها ونصلي فيها، رجال إسناده ثقات إلا أحمد بن القاسم فهذا أيضاً من الأدلة، ولو كان الفرو الذي رآه على أنس من مذكى لم يكن محل إنكار حتى احتاج أنس إلى الاستدلال على طهارتها بأنهم كانوا يلبسونها ويصلون فيها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ولأصل حديث سلمان شاهد صحيح من حديث أبي الدرداء أخرج البزار في مسنده، وابن المنذر، وابن أبي حاتم في تفسيرهما، والطبراني في الكبير، والحاكم في المستدرك وصححه وأقره الذهبي في مختصره، وابن مردويه في تفسيره عن أبي الدرداء رفع الحديث قال: ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عافية فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئاً ثم تلا) وما كان ربك نسياً (وشاهد آخر من حديث جابر أخرج ابن مردويه عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلّم لكعب بن مالك: يا كعب ما أحل ربك فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته) وما كان ربك نسياً (. وله شاهد آخر من حديث أبي ثعلبة، ويؤيد أن سؤالهم في حديث سلمان عن الجبن لأجل ما فيه من الأنفحة. وعن الفراء لأجل كونه من ميتة ما رواه سعيد بن منصور في سننه عن عمرو بن شرحبيل قال: ذكرنا الجبن عند عمر بن الخطاب فقلنا: إنه يصنع فيه أنافح الميتة فقال عمر: سموا الله عليه وكلوا؛ وروى سعيداً أيضاً عن الشعبي قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلّم بجبنة في غزوة تبوك فقيل: إن هذه من صنعة المجوس فقال: (إذكروا اسم الله وكلوه) وروى سعيد أيضاً عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث قال: دخلت مع أبي علي بن عباس فقال له: إنه يصنع لنا بالعراق من هذا الجبن وقد بلغني أنه يصنع فيه من أنافح الميتة فقال ابن عباس: ما علمت أنه من أنافح الميتة فلا تأكله وما لم تعلم فكله، قال له أبي: وأنه يصنع لنا من هذه الفراء وبلغني إنها تصنع من جلود الميتة فقال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (دباغ كل أديم ذكاته) ورواه الدولابي في الكنى عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث قال: قلت لابن عباس: الفراء تصنع من جلود الميتة؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: (ذكاة كل مسك دباغة) فهذا أيضاً صريح في أن الدباغ يطهر الفراء مطلقاً جلداً أو شعراً، ومما يستدل به لطهارة الشعر بالدباغ

الصفحة 22