كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 269 """"""
المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهراً وكان يحب أن يوجه إلى الكعبة فأنزل الله:) قد نرى تقلب وجهك في السماء (فتوجه نحو الكعبة) وقال سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (ومن ذلك ما رواه الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) [وروى أيضاً عن أبي حاتم المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)] ففي ذلك دلالة ظاهرة على المعنيين جميعاً الحذف حيث حذف الهاء من تفعلوه والزيادة والقصد سياق كلام المتكلم إذا قصد غير التلاوة.
ومن ذلك ما روى مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد أنه بلغه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يدعو فيقول: (اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكناً والشمس والقمر. حسباناً اقض عني الدين وأغنني من الفقر) وروى في كتاب إلى ملك فارس من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس إلى قوله: فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين. وروى في عهد أبي بكر لعمر: هذا ما عهد أبو بكر خليفة رسول الله إلى أن قال: والخير أردت ولكل امرىء ما اكتسب وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. وفي رسالة أبي بكر إلى علي أيام توقفه عن البيعة فقال [في آخره] والله على ما نقول شهيد وبما نحن عليه بصير. وقال علي في جوابه آخر كلام له: وإني عائد إلى جماعتكم ومبايع صاحبكم إلى قوله: ليقضي الله أمراً كان مفعولا وكان الله على كل شيء شهيداً.
ومن رسائل القاضي الفاضل: وقد ذكر الفرنج وغضبوا زادهم الله غضباً وأوقدوا ناراً للحرب جعلها الله لهم حطباً، ومن ذلك قول الفقيه الإمام الخطيب عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نباتة في خطبه المشهورة السائرة شرقاً وغرباً قال في خطبة: هنالك يرفع الحجاب ويوضع الكتاب ويجمع من وجب له الثواب وحق عليه العذاب فيضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب. وقال في خطبة أخرى: يا له من نادم على تضييعه أسفاً على السيء من صنيعة حين عاين رتب الصالحين وأبصر منازل المفلحين الذين قدروا الله حق قدره وكانوا نصب نهيه وأمره ولم تلههم تجارة ولا بيع عن ذكره. وقال في أخرى: ألا وإن الجهاد كنز وفر الله به أقسامكم وحرز طهر الله به أجسامكم وعز أظهر الله فيه إسلامكم، فإن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم، فأحسنوا رحمكم الله الثقة بمن لم يزل بكم براً لطيفاً وقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً، واغتنموا بمقارعة العدو وقرب الفرج فإن الله اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج. وقال في أخرى: وخرست الألسن الفصيحة عن الكلام وقضى بدار البوار لمن حرم دار السلام وعرف المجرمون بسيماهم فأخذوا بالنواصي والأقدام، وكلامه في نحو ذلك كثير في خطبه، وكذلك غيره من الفصحاء والعلماء وأئمة اللسان، والاستدلال على ذلك بهذه

الصفحة 269