كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 271 """"""
بعض البغداديين:
رحل الظاعنون عنك وأبقوا
في حواشي الحشاء وجداً مقيما
قد وجدنا السلام برداً سلاما
إذ وجدنا النوى عذاباً أليما
وأما علماء البيان في كتبهم فقد أكثروا من ذلك أنشدوا للحماسيين:
إذا رمت عنها سلوة قال شافع
من الحب ميعاد السلو المقابر
سيبقى لها في مضمر القلب والحشا
سريرة ود يوم تبلى السرائر
وقول الآخر:
لا تعاشر معشراً ضلوا الهدى
فسواء أقبلوا أو أدبروا
بدت البغضاء من أفواههم
والذي يخفون منها أكبر
وقول الآخر:
إن كنت أزمعت على هجرنا
من غير ما جرم فصبر جميل
وإن تبدلت بنا غيرنا
فحسبنا الله ونعم الوكيل
وقول الآخر:
خلة الغانيات خلة سوء
فاتقوا الله يا أولى الألباب
وإذا ما سألتموهن شيئاً
فاسألوهن من وراء حجاب
قال: ولولا خشية التطويل لذكرت من ذلك جملة كثيرة، لكن في التنبيه بما ذكر كفاية، ولأني أكره ذكر التضمين في الشعر لكن المقصود الإعلام بأن ذلك مذكور مشهور.
وأما النوع الثاني: من الاستدلال وهو ما ذكره أئمة الفتوى وعلماء الأصول فقد نص القاضي أبو بكر الباقلاني إمام هذا الفن والقدوة في هذا الباب في كتاب إعجاز القرآن له على تضمين كلمات من القرآن في نثر الكلام ونظمه وذكر من ذلك جملة، ولكن أشار إلى كراهة التضمين في الشعر خاصة، وذلك ظاهر لإجلال كلمات تذكر في القرآن العظيم أن تساق في أوزان الشعر، وجعل ذلك على سبيل الكراهة في الشعر خاصة دون المنع والتحريم، والمكروه جائزن الإقدام عليه عند علماء الأصول وهذا بخلاف الكلام، وكلام مثل هذا الإمام في مثل ذلك كاف، وكذلك ما ذكره القاضي عياض في شرح مسلم كما تقدم، وذكر الإمام محيى الدين النووي في كتاب التبيان له فقال: قال أصحابنا إذا قال الإنسان: خذ الكتاب بقوة وقصد به غير القرآن فهو جائز، قالوا: ويجوز للجنب والحائض أن يقولا عند المصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون إذا لم يقصد القرآن، فإنظر صريح هذا النقل، وهذا إمام من المجتهدين في مذهب الشافعي بل هو في هذا الزمان عمدة المذهب في نقلة وتصحيحه، وقد صرح بجواز أن يقصد غير القرآن كرر ذلك في مواضع، وكذلك

الصفحة 271