كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 283 """"""
تقدير القول فيه فالتخصيص من السبب للنص العام اللفظ فقد عده أهل الأصول من المخصصات للعموم على القول بتخصيصه وذلك لأن سبب النزول إنما يقبل إذا ورد بسند صحيح متصل فهو في حكم الحديث المرفوع، ومن يرى جواز تخصيص الكتاب بالسنة وهم الجمهور لا يستنكر ذلك. وقوله: وإذا لم يكن من النص فهل يقضي على النص؟ قد علم جوابه وهو أن سبب النزول نص أيضاً فإنه حديث والحديث يقضي على القرآن أخرج سعيد بن منصور في سننه عن يحيى بن أبي كثير قال: السنة قاضية على الكتاب ويحيى هذا من التابعين من أضراب الزهري وقوله: وهل السبب ناشىء عن النص؟ قد علم جوابه وهو أنه ناشىء عن نص لكن نص حديثي لا قرآني وليس ناشئاً عن التأويل، فإن السبب لا يكون إلا عن نص منقول لا عن تأويل ولا مدخل للتأويل في ذلك، وقوله: وهل التأويل ناشىء عن النص؟ جوابه أنه قد علم أنه لا تأويل.
مسألة: تقرر أنه إذا خلا العصر عن مجتهد يقوم بفرض الكفاية أثموا عن آخرهم فما الجمع بينه وبين قولهم في مسألة الفترة: أنه إذا لم يجد صاحب النازلة من ينقل له حكماً في نازلته الصحيح انتفاء التكليف عن العبد وأنه لا يثبت في حقه إيجاب ولا تحريم ولا يؤاخذ بأي شيء صنعه.
الجواب: متعلق الإثم مختلف فالإثم لمن كان يمكنه بلوغ هذه الرتبة وقصر فيها وعدم التكليف لغيره وليس المخاطب بفرض الاجتهاد كل أحد بل من هو في صفة خاصة كما قررناه في كتاب الرد على من أخلد إلى الأرض.
مسألة: رجل يقلد الإمام الشافعي رضي الله عنه أصابته نجاسة كلبية فغسلها على مقتضى مذهب إمامه ثم أصابته وعسر عليه غسلها فهل يجوز له تقليد من يرى عدم وجوب هذا الغسل أم لا؟ لأن ما التزمه وعمل به أولاً يمنعه من مخالفته آخراً. وإذا قلتم: إن له التقليد فما معنى قول الأسنوي في شرح منهاج البيضاوي أنه إذا قلد مجتهداً في مسألة فليس له تقليد غيره فيها اتفاقاً، ويجوز ذلك في حكم آخر على المختار، فلو التزم مذهباً معيناً ففي الرجوع إلى غيره من المذاهب ثلاثة أقوال: ثالثها يجوز الرجوع فيما لم يعمل به ولا يجوز في غيره هل معناه امتناع التقليد فيما تقدم السؤال عنه أم لا وما الراجح من الأقوال الثلاثة؟ وكذلك قول الشيخ جلال الدين المحلي في شرح جمع الجوامع وإذا عمل العامي بقول مجتهد في حادثة فليس له الرجوع عنه إلى غيره في مثلها لأنه قد التزم ذلك القول بالعمل به إلى أن قال: والأصح جوازه أي جواز الرجوع إلى غيره في حكم آخر إلى أن قال: والأصح أنه يجب على العامي وغيره ممن لم يبلغ رتبة الإجتهاد التزام مذهب معين، ثم قال: في خروجه عنه أقوال: ثالثها لا يجوز في بعض المسائل ويجوز في بعض توسطا بين القولين في الجواز في غير ما عمل به أخذاً مما تقدم في عمل غير الملتزم فإنه إذا لم يجز له الرجوع. قال ابن الحاحب. كالآمدي اتفاقاً: فالملتزم أولى بذلك وقد حكيا فيه الجواز فيقيد مما قلناه انتهى. وإذا قلتم: بامتناع التقليد في المسئول عنه وهي المسائل التي عمل

الصفحة 283