"""""" صفحة رقم 290 """"""
فأضيف الحج إليه لأنه المعظم فوق عرفة ، وأما قوله صلى الله عليه وسلّم : ( الحج عرفة ) فاعتبار آخر وذلك لأنه سيق لبيان ما يعتني الحاج بحصوله خوف فوات الحج ، فإن وقوف عرفة مقدر بزمان مخصوص وهو من زوال الشمس يوم عرفة إلى طلوع الفجر يوم العيد ، فمن لم يدرك الوقوف في لحظة من هذا الزمان فاته الحج ، بخلاف الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والحلق التي هي بقية أركان الحج فإنها لا تفوت أصلاً ولا تتقيد بوقت بل هي مطلقة متى فعلت أجزأت فلهذا قال : ( الحج عرفة ) أي الأمر الذي يحصل به إدراك الحج أو فواته وقوف عرفة فمن أدركه أدرك الحج ومن فاته فاته الحج فهذه اضافة اعتبارية. وقوله : ) حج البيت ( إضافة حقيقية فافهم الفرق بين الإضافتين.
مسألة : في قوله تعالى : ) يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ( ما السمة التي كانت عليهم ، وهل كان للنبي صلى الله عليه وسلّم عذبة ؟ فإن الشيخ مجد الدين الشيرازي نقل في شرح البخاري أنه كان له عذبة طويلة نازلة بين كتفيه ، وتارة على كتفيه وأنه ما فارق العذبة قط وأنه قال : ( خالفوا اليهود ولا تصمموا فإن تصميم العمامة من زي أهل الكتاب ) وأنه قال : ( أعوذ بالله من عمامة صماء ) فهل هذه الأحاديث صحيحة ؟ وما على من علم أن العذبة سنة وتركها مستنكفاً عنها ؟ وهل إذا اقتدى الشخص برسول الله صلى الله عليه وسلّم في العذبة وحصل له الخيلاء يحرم عليه أم لا ؟ وهل يجوز أن يقال إن الأحاديث كلام الله ؟.
الجواب : أما السمة التي كانت عليهم فروى ابن أبي حاتم في تفسيره بأسانيد عن علي ، وابن عباس ، ومجاهد أنها الصوف الأبيض في نواصي خيولهم وأذنابها ، وروى عن أبي هريرة بالعهن الأحمر ، وروى عن مكحول. وغيره أنها العمائم ، وروى من طريق وكيع عن هشام ابن عروة عن يحيى بن عباد أن الزبير كان عليه يوم بدر عمامة صفراء معتجراً بها فنزلت الملائكة عليهم عمائم صفر ، ورواه ابن المنذر من طريق هشام عن عباد بن حمزة وزاد في آخره مثل سيما الزبير ، وروى الطبراني في الكبير عن ابن عباس قال : كان سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيض قد أرسلوها إلى ظهورهم ، وفي إسناده عمار بن أبي مالك ضعفه الأزدي وروى أيضاً عن عروة قال : نزل جبريل عليه السلام يوم بدر على سيما الزبير وهو معتجر بعمامة صفراء وهو مرسل صحيح الإسناد ، وروى أيضاً عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم في قوله : مسومين قال : معلمين وكانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم سود ، وفي إسناده عبد القدوس بن حبيب وهو متروك ، وروى ابن جرير بإسناد حسن عن أبي أسيد الساعدي وهو بدري قال : خرجت الملائكة يوم بدر في عمائم صفر قد طرحوها بين أكتافهم. فالذي صح من هذه الروايات في العمائم أنها صفر مرخاة بين الأكتاف ، ورواية البيض والسود ضعيفة. والاعتجار لف العمامة على الرأس قاله في الصحاح. وأما العذبة فوقفت فيها على عدة أحاديث من لبس النبي صلى الله عليه وسلّم وإلباسه وليس فيها طويلة ، الأول عن عمرو بن حريث قال : ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلّم على المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفها بين كتفيه ) رواه مسلم ، وأبو داود. الثاني عن ابن عمر قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلّم إذا اعتم سدل