"""""" صفحة رقم 292 """"""
والقميص والعمامة من جر شيئاً خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) رواه أبو داود، والنسائي بإسناد صحيح، وأما إذا اقتدى الشخص به صلى الله عليه وسلّم في عمل العذبة وحصل له ضمن ذلك خيلاء فدواؤه أن يعرض عنه ويعالج نفسه على تركه ولا يوجب ذلك ترك العذبة فإن لم يزل إلا بتركها فليتركها مدة حتى يزول لأن تركها ليس بمكروه وإزالة الخيلاء واجبة، وأما هل يجوز أن يقال الأحاديث كلام الله؟ فنعم بمعنى أنها من عند الله قال تعالى:) وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى (وروى أبو داود، وابن حبان في صحيحه من حديث المقدام بن معدي كرب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (ألا أني أوتيت الكتاب وما يعدله فرب شبعان على أريكته يحدث بحديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله ما كان فيه من حلال استحللناه وما فيه من حرام حرمناه ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلّم مثل ما حرم الله) وروى أبو داود من حديث العرباض بن سارية نحوه، وفيه: (ألا إني أمرت ووعظت ونهيت عن أشياء إنها بمثل القرآن أو أكثر) وأصرح من ذلك في المطلوب ما رواه أحمد عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل الحيين ربيعة، ومضر، فقال رجل: يا رسول الله وما ربيعة ومضر؟ فقال: (إنما أقول ما أقول) وإسناده حسن، وقال حسان بن عطية: كان جبريل ينزل على النبي صلى الله عليه وسلّم بالسنة كما ينزل بالقرآن أخرجه الدارمي بإسناد صحيح عنه وهو شامي ثقة من صغار التابعين ولذلك شواهد كثيرة استوعبتها في القطعة التي كتبتها على سنن ابن ماجة وفيما ذكرناه كفاية.
مسألة: ما وجه عطف قوله تعالى:) وكفر عنا سيئاتنا (على قوله:) فاغفر لنا ذنوبنا (مع أن الذنوب بمعنى السيئات؟.
الجواب: فيه أوجه: أحدها أن المراد بالذنوب الكبائر وبالسيئات الصغائر، ويؤيد هذا أن التكفير إنما يكون في الصغائر كما في الأحاديث الصحيحة. الثاني: أن المراد بالذنوب ما قدموه قبل الإسلام، وبالسيئات ما يحدث بعد الإسلام. الثالث: أن المراد بالذنوب ترك الطاعات، وبالسيئات فعل المعاصي. الرابع: أن المراد بهما شيء واحد وأنه من باب عطف المترادفين كقوله:
وألفى قولها كذباً ومينا
سورة النساء
مسألة: في قوله تعالى:) وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا (ما فائدة قوله:) ضعافاً (مع أن ذرية يغني عنه فإن الذرية هم الصغار؟.
الجواب: أما من حيث التفسير فإن ابن عباس رضي الله عنهما فسر الذرية في الآية بالأولاد ذكوراً كانوا أو إناثاً، وفسر قوله:) ضعافاً (أي صغاراً فعلم أن الذرية شامل للأولاد مطلقاً كيف كانوا، وتخصيصهم في الآية بالصغار من الوصف أعني صغاراً. وقال الراغب في مفردات القرآن: الذرية أصلها الصغار من الأولاد وإن كان قد يقع على الصغار