"""""" صفحة رقم 294 """"""
ومسألة: إذا قلنا: تتعلق بالأفعال ففي بعض الصور يجري فيها خلاف هل التحريم للعين والذات أو لمعنى خارج كما قيل في استعمال أواني النقدين؟ وهذه غير مطردة في كل تحريم فأول السؤال يوهم أنه عن هذه المسألة وآخره يوهم أنه عن الأولى.
سورة الأعراف
مسألة: في قوله تعالى:) إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام (هل كانت أيام ثم موجودة قبل خلق السموات والأرض؟ وهل كانت لها ثم أمور تعرف بها أوفي الآية شيء مقدر؟.
الجواب: الذي وضح لي بعد الإجتهاد والنظر في الأدلة والتمهل أيام حتى أعطيت النظر حقه أن خلق السموات والأرض وخلق الأيام كانت دفعة واحدة من غير تقديم أحدهما على الآخر، وذكر الأدلة على ذلك يطول ولكن نذكر شيئاً مختصراً وذلك أنه روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (خلق الله التربة وفي لفظ الأرض يوم السبت والجبال يوم الأحد والشجر يوم الاثنين والمكروه يوم الثلاثاء والنور يوم الأربعاء والدواب يوم الخميس وآدم يوم الجمعة) فهذا يدل على خلق هذه الأشياء في هذه الأيام المسماة بعينها. وروى ابن جرير، وابن المنذر في تفسيريهما عن ابن مسعود، وناس من الصحابة قالوا: إن الله كان عرشه على الماء لم يخلق شيئاً غير ما خلق قبل الماء فلما أراد أن يخلق الخلق أخرج من الماء دخاناً فارتفع فوق الماء فسما عليه فسماه سماءاً ثم أيبس الماء فجعله أرضاً واحدة ثم فتقها فجعلها سبع أرضين في يوم الأحد والاثنين وخلق الجبال فيها وأقوات أهلها وشجرها وما ينبغي لها في يوم الثلاثاء والأربعاء ثم استوى إلى السماء ففتقها فجعلها سبع سموات في يوم الخميس والجمعة وأوحي في كل سماء أمرها خلق في كل سماء خلقها من الملائكة والخلق الذي فيها فهذا الأثر أيضاً صريح في أن الأيام التي خلقت فيها السموات والأرض هي هذه المسماة بعينها وهو المعتمد في أن الابتداء يوم الأحد لا يوم السبت لأحاديث أخر كثيرة دلت على ذلك. وحديث مسلم أعله الحفاظ وصوبوا وقفه على كعب وإنما ذكرته للقدر المشترك فيه وهو أن الخلق وقع في الأيام المسماة المعهوة، وقد دل الأثر الذي سقناه على أمر آخر وهو أن الأيام لم يتقدم خلقها لقوله: لم يخلق شيئاً غير ما خلق قبل الماء ثم ذكر خلق الأرض والسماء وفتقهما، وروى ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس أنه سئل عن الليل كان قبل أم النهار؟ قال: الليل ثم قرأ) إن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما (فهل تعلمون كان بينهما إلا ظلمة؟ فهذا يدل على أنه لم يكن قبل خلق الأرض نهار ولا أيام، وروى ابن عساكر عن ابن عباس قال: أول ما خلق الله الأحد فسماه الأحد، فهذه الأدلة الأربعة إذا ركبت مع بعضها أنتجت للمجتهد أن خلق الأيام وقع مقارناً لخلق الأرض والسموات لا متقدماً ولا متأخراً، وأن الأيام المذكورة في قوله تعالى:) خلق السموات والأرض في ستة أيام (هي أول أيام خلقت في الدنيا.