"""""" صفحة رقم 298 """"""
دفع التعسف عن إخوة يوسف
بسم الله الرحمن الرحيم
مسألة: في رجلين قال أحدهما: إن إخوة يوسف عليه السلام أنبياء، وقال الآخر: ليسوا بأنبياء فمن أصاب؟.
الجواب: في إخوة يوسف عليه السلام قولان للعلماء والذي عليه الأكثرون سلفاً وخلفاً أنهم ليسوا بأنبياء، أما السلف فلم ينقل عن أحد من الصحابة أنهم قالوا: بنبوتهم كذا قال ابن تيمية ولا أحفظه عن أحد من التابعين، وأما أتباع التابعين فنقل عن ابن زيد أنه قال: بنبوتهم. وتابعه على هذا فئة قليلة. وأنكر ذلك أكثر الأتباع فمن بعدهم، وأما الخلف فالمفسرون فرق منهم من قال بقول ابن زيد كالبغوي، ومنهم من بالغ في رده كالقرطبي، والإمام فخر الدين، وابن كثير. ومنهم من حكى القولين بلا ترجيح كابن الجوزي، ومنهم من لم يتعرض للمسألة ولكن ذكر ما يدل على عدم كونهم أنبياء كتفسيره الأسباط بمن نبىء من بني إسرائيل والمنزل إليهم بالمنزل إلى أنبيائهم كأبي الليث السمر قندي، والواحدى، ومنهم من لم يذكر شيئاً من ذلك ولكن فسر الأسباط بأولاد يعقوب فحسبه ناس قولاً بنبوتهم وإنما أريد بهم ذريته لا بنوه لصلبه كما سيأتي تحرير ذلك، قال القاضي عياض في الشفا: إخوة يوسف لم تثبت نبوتهم. وذكر الأسباط وعدهم في القرآن عند ذكر الأنبياء قال المفسرون: يريد من نبىء من أبناء الأسباط فانظر إلى هذا النقل عن المفسرين من مثل القاضي، وقال ابن كثير: اعلم أنه لم يقم دليل على نبوة إخوة يوسف وظاهر سياق القرآن يدل على خلاف ذلك، ومن الناس من يزعم أنهم أوحى إليهم بعد ذلك. وفي هذا نظر، ويحتاج مدعي ذلك إلى دليل ولم يذكروا سوى قوله تعالى:) وما أنزل إلى إبراهيم (إلى قوله:) والأسباط (وهذا فيه احتمال لأن بطون بني إسرائيل يقال لهم الأسباط كما يقال للعرب قبائل. وللعجم شعوب فذكر تعالى أنه أوحى إلى الأنبياء من أسباط بني إسرائيل فذكرهم إجمالاً لإنهم كثيرون، ولكن كل سبط من نسل رجل من إخوة يوسف ولم يقم دليل على أعيان هؤلاء أنهم أوحى إليهم انتهى.
وقال الواحدي: الأسباط من ولد إسحق بمنزلة القبائل من ولد إسماعيل وكان في الأسباط انبياء وقال؛ في قوله تعالى:) ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب (يعني المختصين بالنبوة منهم، وقال السمرقندي في قوله تعالى:) وما أنزل إلينا (إلى قوله:) والأسباط (السبط بلغتهم بمنزلة القبيلة للعرب وإنما أنزل على انبيائهم وهم كانوا يعملون فأضاف إليهم كما أنه أنزل على محمد صلى الله عليه وسلّم فأضاف إلى أمته فقال:) وما أنزل إلينا (فكذلك الأسباط أنزل على أنبيائهم فأضاف إليهم لأنهم كانوا يعملون به، وقال في قوله تعالى:) إنا أوحينا إليك (إلى قوله:) والأسباط (هم أولاد يعقوب أوحى إلى أنبيائهم، ثم رأيت الشيخ تقي الدين بن تيمية ألف في هذه المسألة مؤلفاً خاصاً قال فيه ما ملخصه: الذي يدل عليه القرآن، واللغة، والاعتبار أن إخوة يوسف ليسوا بأنبياء وليس في القرآن ولا