كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 307 """"""
معاوية : على الخبير سقطتم كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعنده أعرابي فقال : يا رسول الله خلفت الكلأ يابساً ، والماء عابساً هلك العيال وضاع المال فعد على مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولم ينكر عليه ، فقال القوم : من الذبيحان يا أمير المؤمنين ؟ قال : إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل أمرها أن ينحر بعض بنيه فلما فرغ أسهم بينهم وكانوا عشرة فخرج السهم على عبد الله فأراد أن ينحره فمنعه أخواله بنو مخزوم وقالوا : أرض ربك وافد ابنك ففداه بمائة ناقة ، قال معاوية : هذا واحد. والآخر إسماعيل ، هذا حديث غريب وفي إسناده من لا يعرف حاله. وروى الإمام أحمد في منسده من طريق حماد بن سلمة عن أبي عاصم الغنوي عن أبي الطفيل عن ابن عباس قال : لما أمر إبراهيم بالمناسك عرض له الشيطان عند المسعى فسابقه فسبقه إبراهيم ثم ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات وثم تله للجبين وعلى إسماعيل قميص أبيض فقال له : يا أبت ليس لي ثوب تكفنني فيه غيره فاخلعه حتى تكفنني فيه فعالجه ليخلعه فنودي من خلفه ) أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا ( الحديث بطوله في المناسك ، ثم رواه أحمد من طريق حماد عن عطاء ابن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكره إلا أنه قال : إسحق ، قال ابن كثير : والأول أصح لأن أمور المناسك إنما وقعت لإبراهيم ، وإسماعيل ، وروى أحمد أيضاً عن سفيان عن منصور عن خاله مسافع عن صفية بنت شيبة قالت : أخبرتني امرأة من بني سليم ولدت عامة أهل دارنا أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى عثمان بن طلحة وقالت مرة : أنها سألت عثمان لم دعاك النبي صلى الله عليه وسلّم ؟ قال : قال : إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت البيت فنسيت أن آمرك أن تخمرهما فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلين ، قال ابن كثير : هذا دليل مستقل على أن الذبيح إسماعيل فإن قريشاً توارثوا قرني الكبش الذي فدى به إبراهيم خلفاً عن سلف ، وقال الشعبي : قد رأيت قرني الكبش في الكعبة ، وقال ابن جرير : ثنا يونس أنا ابن وهب أخبرني عمرو بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل وزعمت اليهود أنه إسحق ، وكذبت اليهود ، وقال ابن إسحق : ذكر محمد بن كعب أن عمر بن عبد العزيز أرسل إلى رجل كان يهودياً فأسلم وحسن إسلامه وكان من علمائهم فسأله أي ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال إسماعيل : والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب ، وقال ابن كثير : نص في التوراة أن إسماعيل ولد ولإبراهيم ست وثمانون سنة وولد إسحق وله تسع وتسعون وعندهم أن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه وحيده وفي نسخة بكره فأقحموا ههنا كذباً وحسداً إسحق وحرفوا وحيدك بمعنى الذي ليس عندك غيره فإن إسماعيل كان بمكة ، وهذا تحريف وتأويل باطل فإنه لا يقال وحيد إلا لمن ليس له غيره ، وأيضاً فإن أول ولد له معزة ما ليست لمن بعده من الأولاد فالأمر بذبحه أبلغ في الابتلاء والاختبار ، ولأن الله تعالى قال بعد ذلك :

الصفحة 307