"""""" صفحة رقم 31 """"""
حيث يكره لها القضاء ولا يكره له بل يجوز أو يندب، ويقاس بصلاة الكافر جميع فروع الشريعة من زكاة، وصوم، هذا ما أخذته من نصوص المذهب.
وأما الأدلة فوردت أحاديث يستنبط منها جواز ذلك بل ندبه: منها ما أخرجه الأئمة الستة وغيرهم عن عمر بن الخطاب أنه قال: (يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال: (أوف بنذرك) قال النووي في شرح مسلم: من قال إن نذر الكافر لا يصح وهم جمهور أصحابنا حملوا الحديث على الاستحباب أي يستحب لك أن تفعل الآن مثل الذي نذرته في الجاهلية انتهى، وفي هذا دلالة على أن الكافر يستحب له أن يتدارك القرب التي لو فعلها في حال كفره لم تصح منه ولو كان مسلماً لزمته، وهذه دلالة ظاهرة لا شبهة فيها، وقال الخطابي في معالم السنن: في هذا الحديث دلالة على أن الكفار مخاطبون بالفرائض مأمورون بالطاعة، وقال القمولي من متأخري أصحابنا في الجواهر: إذا نذر الكافر لم يصح نذره لكن يندب له الوفاء إذا أسلم، فلو نذر اليهودي أو النصراني صلاة أو صوماً ثم أسلم استحب له الوفاء، ويفعل صلاة شرعنا وصوم شرعنا لا صلاة شرعه وصومه هذا كلام القمولي. وقال ابن دقيق العيد في شرح العمدة: استدل بهذا الحديث من يرى صحة النذر من الكافر وهو قول أو وجه في مذهب الشافعي، والأظهر أنه لا يصح لأن النذر قربة والكافر ليس من أهل القرب، ومن يقول بهذا يحتاج إلى أن يؤل الحديث بأنه أمر أن يأتي باعتكاف يوم يشبه ما نذر فأطلق عليه أنه منذور لشبهه بالنذر وقيامه مقامه في فعل ما نواه من الطاعة، وعلى هذا يكون قوله: (أوف بنذرك) من مجاز الحذف أو مجاز التشبيه، ومنها ما أخرجه مسلم عن حكيم بن حزام قال: (قلت يا رسول الله أشياء كنت أفعلها في الجاهلية يعني أتبرر بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: أسلمت على ما سلف [لك] من الخير قلت: (فوالله لا أدع شيئاً صنعته في الجاهلية إلا فعلت في الإسلام مثله) قلت: هذا الحديث يؤخذ منه بدلالة الإشارة استدراك ما فات في الجاهلية، فإنه لما صدر منه ما صدر من القربات في الجاهلية كأنه لم يرها تامة لفقد وصف الإسلام فأعاد فعلها في الإسلام استدراكاً لما فات من وصف التمام. وأخرج الحاكم في المستدرك عن هشام [بن عروة عن أبيه قال: أعتق حكيم مائة رقبة وحمل على مائة بعير في الجاهلية فلما أسلم أعتق مائة وحمل على مائة بعير. هذا الحديث فيه التصريح بوفائه بما وعد به، ومنها ما روى أن أبا سفيان لما أسلم قال: يا رسول الله لا أترك موقفاً قاتلت فيه المسلمين إلا قاتلت مثله الكفار، ولا درهماً أنفقته في الصد عن سبيل الله إلا أنفقت مثله في سبيل الله، هذا الحديث صريح بمنطوقه في استدراك تكفير ما مضى في الكفر من فعل المناهي وهو غير لازم فيحمل على الندب، ويؤخذ من فحواه إستحباب أستدراك ما مضى في الكفر من ترك الأوامر، وأخرج