كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 312 """"""
الشمس ومنه ما يشهد لأن نوره نورها، فمن الأول ما أخرجه ابن جرير في تفسيره عن السدي في قوله تعالى:) الحمدلله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور (قال: الظلمات ظلمة الليل، والنور نور النهار، فهذا تصريح بأن النهار له نور حيث أضافه إليه وقابله بظلمة الليل وليس سببه الشمس كما أن ظلمة الليل لها سبب نشأت عنه، وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية قال: خلق الله السموات قبل الأرض وخلق الظلمة قبل النور وخلق الجنة قبل النار، وأخرج ابن المنذر عن أبي عبيدة في الآية قال: النور الضوء فهذان صريحان في أن المراد بالنور ضوء خلقه الله على حياله لا تعلق له بالشمس ولا بغيرها، وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن عكرمة قال: سئل ابن عباس الليل كان قبل النهار؟ فقرأ ابن عباس:) إن السموات والأرض كانتا رتقاً (قال: فالرتق الظلمة الليل كان قبل النهار، ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى:) فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة (فكما أن الليل كان يسمى ليلاً قبل خلق القمر فيه كذلك كان يسمى النهار نهاراً قبل خلق الشمس، واستمرت التسمية في الليل والنهار بعد خلق القمر والشمس، فالنهار على هذا غير الشمس وضوؤها غير نورها، وقال الكرماني القديم في تفسيره في سورة الأنعام في قوله:) وجعل الظلمات والنور (جمع الظلمات لأنها تحدث عن أشياء كظلمة الليل، وظلمة السحاب، وظلمة البحر، ووحد النور لأنه متحد الوصف وهو ما يرى ويرى به، وأعظم دليل على أن النهار له نور يخصه لا تعلق له بالشمس أن الجنة فيها نهار بلا شمس، أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن شعيب بن الحجام قال: خرجت أنا وأبو الغالب الرياحي قبل طلوع الشمس فقال: نبئت أن الجنة هكذا، وقد وردت آثار بأن الأيام على عدتها أجسام مخلوقة تتكلم وتحشر كأثر: (ما من يوم ينقضي من الدنيا إلا قال ذلك اليوم الحمدلله الذي أخرجني من الدينا وأهلها ثم يطوى عليه فيختم إلى يوم القيامة حتى يكون الله هو الذي يفض خاتمه) أخرجه أبو نعيم في الحلية عن مجاهد، وروى ابن خزيمة، والحاكم في المستدرك حديث: (تحشر الأيام على هيئتها وتحشر الجمعة زهراء منيرة أهلها يحفون بها كالعروس تضيء لهم يمشون في ضوئها) فهذه كلها تدل على أن النهار له ضوء يخصه لا تعلق له بالشمس، لكن عارض هذا أن ابن جرير قال في تفسيره: اختلف أهل التأويل في قوله تعالى:) والشمس وضحاها (فقال قتادة: معنى ذلك والشمس والنهار وكان يقول الضحى هو النهار كله، وقال مجاهد: (وضحاها) ضوؤها، قال ابن جرير: والصواب أن يقال أن الله تعالى أقسم بالشمس ونهارها لأن ضوء الشمس الظاهرة هو النهار، هذه عبارة ابن جرير وهي صريحة في أن النهار هو ضوء الشمس، وقال الكرماني القديم في تفسيره ما نصه: والشمس سراج النهار بالإجماع، وضحاها ارتفاعها وضوؤها وحرها وقيل هو النهار كله، ثم قال:) والنهار إذا جلاها (أي جلا الظلمة، وقيل جلا الشمس لأنها تظهر بالنهار وإن كان النهار من ضوئها هذه عبارته وهي أيضاً صريحة في أن النهار من ضوء الشمس، وقال الراغب: الصبح والصباح أول النهار وهو وقت ما احمر

الصفحة 312