"""""" صفحة رقم 324 """"""
أراد الله أن يوحي أمراً جاء اللوح المحفوظ حتى يصفق جبهة إسرافيل فيرفع رأسه فينظر فإذا الأمر مكتوب فينادي جبريل فيلبيه فيقول أمرت بكذا، أمرت بكذا، فيهبط جبريل على النبي فيوحي إليه، وأخرج أبو الشيخ في كتاب العظمة عن أبي بكر الهذلي قال: إذا أمر الله بالأمر تدلت الألواح على إسرافيل بما فيها من أمر الله فينظر فيها إسرافيل ثم ينادي جبريل فيجبيه وذكر نحوه. وأخرج أيضاً عن أبي سنان قال: اللوح المحفوظ معلق بالعرش فإذا أراد الله أن يوحي بشيء كتب في اللوح فيجيء اللوح حتى يقرع جبهة إسرافيل فينظر فيه فإن كان إلى أهل السماء دفعه إلى ميكائيل وإن كان إلى أهل الأرض دفعه إلى جبريل، الحديث وله شواهد كثيرة استوفيتها في كتابي الذي ألفته في أخبار الملائكة، منها ما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الرحمن بن سابط قال: يدبر أمر الدنيا أربعة جبريل، وميكائيل، وملك الموت، وإسرافيل، فأما جبريل فموكل بالرياح والجنود. وأما ميكائيل فموكل بالقطر والنبات. وأما ملك الموت فموكل بقبض الأرواح. وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم. وما أخرجه أبو الشيخ عن عكرمة بن خالد: (أن رجلاً قال: يا رسول الله أي الملائكة أكرم على الله؟ فقال: (جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، فأما جبريل صاحب الحرب وصاحب المرسلين، وأما ميكائيل فصاحب القطر والنبات، وأما ملك الموت فموكل بقبض الأرواح، وأما إسرافيل فأمين الله بينه وبينهم) فهذه الأحاديث والآثار تدل على أمر خلاف القولين السابقين وهو أن جبريل يأخذ الوحي من إسرافيل وإسرافيل يأخذه مما كتب تلك الساعة في اللوح، ويمكن الجمع لمن تأمل فلا يكون بينهما اختلاف وقول السائل: أو بالعربية للنبي العربي وبالعبرانية للنبي العبراني. جوابه: ما أخرجه ابن أبي حاتم بسند عن سفيان الثوري قال: لم ينزل وحي إلا بالعربية ثم ترجم كل نبي لقومه. وقوله: هل يلقيه الملك إلى جبريل أو جبريل المتلقي من الله؟ تقدم في ذلك أحاديث مختلفة بعضها شاهد للأول. وبعضها شاهد للثاني. وقوله: ما كيفية نزوله إلى بيت العزة؟ ذكر علي بن سهل النيسابوري في تفسيره أن كيفية ذلك أن جبريل حفظه من اللوح المحفوظ ثم أتى به إلى بيت العزة فأملاه على السفرة الكتبة يعني الملائكة وهو معنى قوله تعالى:) بأيدي سفرة كرام بررة (وتابعه الإمام علم الدين السخاوي فقال في كتابه جمال القراء: نزل به جبريل إلى السماء الدنيا وأمره سبحانه بإملائه على السفرة الكرام وإنساخهم إياه وتلاوتهم له. وأما سؤال القلم فمعنى الحديث أن الله أجراه بالكتابة لما هو كائن بقدرة من الله لا بالإملاء ولا بالإلهام لأنهما إنما يكونان للحيوان. والقلم من نوع الجماد وخطابه ورده الجواب من باب خطاب السماء والأرض في قوله تعالى:) ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين (ويؤيد هذا المعنى ما أخرجه الطبراني عن ابن عباس قال: إن الله لما خلق العرش استوى عليه ثم خلق القلم وأمره أن يجري بإذنه فجرى بما هو كائن فأثبته الله في الكتاب المكنون فقوله: بأذنه أي يقدرته أي أوجد الكتابة في اللوح بمر القلم عليه بخلق