كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 34 """"""
عندي أرجح بل متعين، وأما إقامة الجمعة في اليوم القصير فواضح مما تقدم تقام بعد مضي نصف حصة النهار، وأما حساب مدة الخف ففي الأيام الطوال تقدر يوم وليلة أو ثلاثة أيام ولياليها كما حسبت أوقات الصلاة وينزع عند مضي جانب من اليوم بقدر ذلك، وفي الأيام القصار يوم كامل بليلته أو ثلاثة بلياليها وإن قصرت جداً وينزع بعد مضيها، وأما الصوم ففي اليوم الذي كسنة يعتبر قدر مجيء رمضان بالحساب ويصوم من النهار جزءاً بقدر نهار بالحساب أيضاً ويفطر ثم يصوم وهكذا، وفي اليوم الذي كشهر يصوم اليوم كله عن الشهر ويفطر فيه بقدر ما كان يجيىء الليل بالحساب، وفي الأيام القصار يصوم النهار فقط ويحسب عن يوم كامل وإن قصر جداً ويفطر إذا غربت الشمس ويمسك إذا طلع الفجر وهكذا ولا يضر قصره. ويقاس بذلك سائر الأحكام المتعلقة بالأيام من الاعتكاف والعدد والآجال ونحوها، وظاهر الحديث الصحيح أن الطول مختص بالأيام الأول الثلاثة والباقي متساوية كأيامنا، وظاهر حديث ابن ماجه عكس ذلك وهو قصر أيامه وجمعه وشهوره وعامه بالنسبة إلى ما هو الآن، ولهذا ترجح أن ذلك وهم من الراوي وتخبيط منه، ويمكن الجمع بأن الأمرين موجودان، ففي أيام ما هو زائد في الطول كسنة وشهر وجمعة وما هو مساو لأيامنا الآن وما هو قصير عنها إلى أن ينتهي آخر أيامه إلى أن يكون كاضطرام السعفة في النار، وهذا الجمع عندي أفيد من تخطئة الرواية بالكلية. وعلى هذا فلا يختص القصر باليوم الأخير بل يكون فيما قبله أيضاً، ولا يختص التقدير بالظهر والعصر بل يشاركهما الصبح في الأيام الطوال وفي القصار تصلي عند طلوع الفجر بلا تقدير، وأما حديث: (لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان) إلى آخره فهو حديث مستقل غير حديث الدجال وقد اختلف فيه فقيل: هو على حقيقته نقص حسي وأن ساعات النهار والليل تنقص قرب قيام الساعة، وقيل: هو معنوي وأن المراد سرعة مر الأيام ونزع البركة من كل شيء حتى من الزمان وهذا ما رجحه النووي تبعاً للقاضي عياض وفيه أقوال غير ذلك والله أعلم.

باب الأذان
مسألة: من أمير المؤمنين خليفة الوقت الإمام المتوكل على الله ورد أن السامع للمؤذن في حال قيامه لا يجلس وفي حال جلوسه يستمر على جلوسه، وذكروا أنه إذا سمع المؤذن لا يتوجه من مكانه لمخالفة الشيطان فإن الشيطان إذا سمع المؤذن أدبر وبقي الكلام هل يكره لسامع المؤذن في حال الاضطجاع استمراره على الاضطجاع مع حكايته للفظ المؤذن أو الجلوس له أولى؟ وقد قال الله تعالى:) الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم (ونقل عن الإمام مالك أنه أغلظ على من سأل عن حديث في حال قيامه فكيف الحال في ذلك؟.
الجواب: الآية الشريفة واردة في الحث على الذكر في كل حال وأنه لا يكره في حالة من الأحوال، وقد روى مسلم في صحيحه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يذكر الله

الصفحة 34