كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 342 """"""
أكشف لنا وأبن لا زلت ترشدنا
طرق الصواب إلى أن ينتهي العمر
ثم الصلاة على المختار من مضر
ما دام للبيت حجاج ومعتمر
الجواب: نعم ورد عن عروة بن الزبير قال: ما من نبي إلا حج هذا البيت إلا ما كان من هود، وصالح تشاغلاً بأمر قومهما حتى قبضهما الله ولم يحجا، أخرجه ابن إسحق في المبتدأ، وابن عساكر في تاريخه، وقصته أن جبريل حلق رأس آدم عليهما السلام حين حج بياقوتة من الجنة، رويناها في تاريخ الخطيب من طريق جعفر بن محمد عن آبائه والله أعلم.

كتاب النكاح
مسألة: قوله صلى الله عليه وسلّم: (لعن الله المحلل والمحلل له) هل هو صحيح؟ وهل فيه معارضة لمذهب الشافعي [رضي الله عنه] أم لا؟.
الجواب: هو صحيح له طرق كثيرة وليس فيه معارضة لمذهبنا لأن الجمهور حملوا الحديث على ما إذا صرح في العقد باشتراط أنه وطىء طلق، وممن قال بهذا الحمل الإمام أبو عمر بن عبد البر من كبار المالكية قال: الأظهر بمعاني الحديث حمله على التصريح بذلك لا على نيته لأن امرأة وفاعة صرحت بأنها تريد الرجوع إلى زوجها الأول وقد تضمن الحديث إقرارها على صحة النكاح فإذا لم تقدح فيه نيتها فكذلك نية الزوج ونية المطلق أولى أن لا تقدح فلم يبق للحديث معنى إلا الحمل على الإظهار فيكون كنكاح المتعة.
مسألة: حديث بريرة في مفارقتها زوجها مع كونه صلى الله عليه وسلّم كلمها في إبقائه لا ينافي ما ثبت من أنه صلى الله عليه وسلّم يخير من شاء على نكاح من شاء من الرجال لأن ذاك حيث كان منه إلزام وحديث بريرة لم يكن منه إلزام لها ولهذا قالت: يا رسول الله أتأمرني أم تشفع؟ فاستفهمته هل هو ملزم لها أم مخير؟ فأجابها بقوله: (لا بل أشفع) الدال على أنه مخير لا ملزم والله أعلم.
مسألة: قوله صلى الله عليه وسلّم: (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة) لم بدأ بالنساء وأخر الصلاة؟.
الجواب: لما كان المقصود من سياق الحديث بيان ما أصابه النبي صلى الله عليه وسلّم من متاع الدنيا بدأ به كما قال في الحديث الآخر: (ما أصبنا من دنياكم هذه إلا النساء) ولما كان الذي حبب إليه من متاع الدنيا هو أفضلها وهو النساء بدليل قوله في الحديث الآخر: (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة) ناسب أن يضم إليه بيان أفضل الأمور [الدينية] وذلك الصلاة فإنها أفضل العبادات بعد الإيمان، فكان الحديث على أسلوب البلاغة من جمعه بين أفضل أمور الدنيا وأفضل أمور الدين، وفي ذلك ضم الشيء إلى نظيره وعبر في أمر الدين بعبارة أبلغ مما عبر به في أمر الدنيا حيث اقتصر في أمر الدنيا على مجرد التحبب وقال في أمر الدين: جعلت قرة عيني فإن في قرة العين من التعظيم في المحبة ما لا يخفى.

الصفحة 342