كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 353 """"""
الجواب: هذا الحديث أخرجه أبو يعلى في مسنده من حديث حذيفة بن اليمان بلفظ: (خيركم في المائتين كل خفيف الحاذ) قيل يا رسول الله ومن خفيف الحاذ؟ قال: (من لا أهل له ولا مال) وفي إسناده رواد بن الجراح قال فيه أحمد: لا بأس به إلا أنه حدث عن سفيان بمناكير، وقال الدارقطني: متروك، وقال النسائي: روى غير حديث منكر، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وقال أبو حاتم: محله الصدق تغير حفظه. قال الذهبي في الميزان: وهذا الحديث مما غلط فيه فإن أبا حاتم قال فيه: إنه منكر لا يشبه حديث الثقات قال: وإنما كان بدء هذا الخبر فيما ذكر لي أن رجلاً جاء إلى رواد فذكر له هذا الحديث فاستحسنه وكتبه ثم حدث به بعد يظن أنه من سماعة انتهى. وروى الترمذي من حديث أبي أمامة: (إن أغبط أوليائي عندي لمؤمن خفيف الحاذ ذو حظ من الصلاة) وأما الحاذ فهو بالحاء المهملة والذال المعجمة الخفيفة ومن قال: إنه باللام أو بالجيم والدال المهملة فقد صحف، قال ابن الأثير في النهاية في حرف الحاء المهملة في فصل حوذ: وأصل الحاذ طريقة المتن وهو ما يقع عليه اللبد من ظهر الفرس أي خفيف الظهر من العيال والحاذ والحال واحد، وكذا قال الديلمي في مسند الفردوس: وزاد ضربه النبي صلى الله عليه وسلّم مثلاً لقلة ماله وعياله، وفي الصحاح حاذ متنه وحال متنه واحد وهو موضع اللبد من ظهر الفرس. وفي الحديث: (مؤمن خفيف الحاذ) أي خفيف الظهر انتهى. وأما من قال: إنه منسوخ فلم يصب لما تقرر في علم الأصول أن النسخ خاص بالطلب ولا يدخل الخبر وهذا خبر كما ترى، ثم أنه لا منافاة بينه وبين حديث: (تناكحوا تناسلوا) حتى يحتاج إلى دعوى النسخ لأن الأمر بالنكاح ليس عاماً لكل أحد بل بشروط مخصوصة كما تقرر في علم الفقه، فيحمل هذا الحديث على من ليست فيه الشروط وخشي من النكاح التوريط في أمور يخشى منها على دين بسبب طلب المعيشة وبذلك يحصل الجمع بين الحديثين ولا نسخ فدعوى النسخ في الخبر جهل بقواعد الأصول.
مسألة: قول صاحب الشفا عن قوله صلى الله عليه وسلّم: (أن لله ملائكة سياحين في الأرض عبادتهم كل دار فيها اسم محمد) هل هي بالباء الموحدة أو بالياء المثناة من تحت وإذا كانت بالياء فما معناها أو بالموحدة فما معناها؟.
الجواب: هو بالباء الموحدة من العبادة وهو مبتدأ خبره كل دار على تقدير مضاف أي حراسة كل دار أو نحو ذلك، ثم أن هذا الحديث غير ثابت.
مسألة: الأسماء التي اشتهرت للبوني هل لها أصل؟.
الجواب: لم أقف لها على أصل إلا ما أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الدعاء قال: حدثنا محمد بن سعيد ثنا سلام الطويل عن الحسن بن علي عن الحسن البصري قال: لما بعث الله إدريس إلى قومه وقد فشا فيهم السحر فلم يطقهم علمه الله هذه الأسماء ثم أوحى إليه أن لا تبديهن للقوم فيدعوني بهن ولكن قلهن سراً في نفسك فكان إذا دعا بهن استجيب له وبهن دعا فرفعه الله مكاناً علياً، ثم علمهن الله موسى وكان لا يخلص إليه سحر ولا سم

الصفحة 353