"""""" صفحة رقم 36 """"""
له الذكر في حال من الأحوال وكره السؤال عن الحديث في حال القيام، وأما كونه إذا سمع المؤذن لا يتوجه من مكانه لمخالفة الشيطان فهذا صحيح، وقد ورد النهي عنه لكنه خاص بالمسجد، روى مسلم، وأبو داود، والترمذي عن أبي الشعثاء قال: (كنا مع أبي هريرة في المسجد فخرج رجل حين أذن المؤذن فقال أبو هريرة أما هذا فقد عصى أبا القاسم ثم قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي) وأخرج ابن ماجه عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (من أدرك الأذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجة وهو لا يريد الرجعة فهو منافق) والله أعلم.
باب استقبال القبلة
مسألة: في قول الفقهاء في المحاريب التي يمتنع الاجتهاد معها في القبلة أن تكون في بلدة أو قرية نشأ بها قرون وسلمت من الطعن، هل قولهم قرون مجازاً أرادوا به أن تمضي عليها سنون تغلب على الظن أو ذلك حقيقة ولا بد أن تمضي قرون؟ والقرن مائه سنة وأقل الجمع ثلاث فلا بد من ثلثمائة سنة وإلا لم يثبت لها هذا الحكم، وقولهم وسلمت من الطعن ما حقيقة الطعن الذي يخرجها عن هذا الاعتبار وما ضابطه؟ هل يحصل بمجرد الطعن ولو من واحد أم لا بد من أكثر؟ ومن صلى إلى محراب ثم تبين أنه لم يمض عليه قرون أو طعن فيه هل يلزمه إعادة ما صلاه إليه أم لا؟ وهل يجب عليه قبل الإقدام أن يبحث عنها هل مضى عليها قرون وسلمت من الطعن ولا يجوز له الاعتماد عليها قبل البحث؟ وإذا صلى إليها قبله لم تنعقد صلاته أم يجوز الإقدام وتنعقد صلاته حملاً على أن الأصل في وضع المحراب أن يحتاط له ويوضع بحق وإن كان ظناً حتى يتبين خلافه، وإذا نشأ جماعة ببلدة عمر كل واحد نحو خمسين سنة وهم يصلون إلى محراب زاوية كان على عهد آبائهم ببلدهم وهم لا يعرفون أمضى عليه قرون أم لا؟ ولا يعرفون هل طعن فيه أحد أم لا؟ ثم ورد عليهم شخص يعرف الميقات فقال لهم هذا فاسد وأحدث لهم محراباً غيره منحرفاً عنه هل يلزمهم اتباع قوله وترك المحراب الأول أم لا؟ وإذا لزمهم فهل يجب عليهم إعادة ما صلوه إلى الأول أم لا؟
الجواب: ليس المراد بالقرون ثلثمائة سنة بلا شك ولا مائة سنة ولا نصفها، وإنما المراد جماعات من المسلمين صلوا إلى هذا المحراب ولم ينقل عن أحد منهم أنه طعن فيه، فهذا هو الذي لا يجتهد فيه في الجهة ويجتهد فيه في التيامن والتياسر، وقد عبر في شرح المهذب بقوله في بلد كبير أو في قرية صغيرة يكثر المارون بها حيث لا يقرونه على الخطأ فلم يشترط قروناً وإنما شرط كثرة المارين وذلك مرجعه إلى العرف، وقد يكتفي في مثل ذلك بسنة، وقد يحتاج إلى أكثر بحسب كثرة مرور الناس بها وقلته فالمرجع إلى كثرة الناس لا إلى طول الزمان، ويكفي الطعن من واحد إذا ذكر له مستنداً أو كان من أهل العلم بالميقات فذلك يخرجه عن رتبة اليقين الذي لا يجتهد معه،