كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 369 """"""
مريم عند نزوله من السماء أم لا ؟ وهل يرد كلام الغزالي بالحديث المعارض أم لا ؟.
الجواب : أما المذكور أولاً من فتنة الموت إلى آخره فلم أقف عليه في الحديث هكذا وإنما ورد ما يقرب منه : فأخرج أبو نعيم في الحلية من حديث واثلة بن الأسقع ( عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : احضروا موتاكم ولقنوهم لا إله إلا الله وبشروهم بالجنة فإن الحليم من الرجال والنساء يتحيرون عند ذلك المصرع وأن الشيطان أقرب ما يكون من ابن آدم عند ذلك المصرع ) وأخرج الحارث ابن أبي أسامة في مسنده من مرسل عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : ( معالجة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف وما من مؤمن يموت إلا وكل عرق منه يألم على حدة وأقرب ما يكون عدو الله منه تلك الساعة ) مرسل جيد الإسناد وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت من طريق آخر مرسلاً نحوه ، فهذا ما وقفت عليه من الأحاديث الدالة عى حضور الشيطان عند الموت ، وأما حضور جبريل فأخرج الطبراني في الكبير عن ميمونة بنت سعد ( قالت : قلت : يا رسول الله أينام الجنب ؟ قال : ( ما أحب أن ينام حتى يتوضأ إني أخاف أن يتوفى فلا يحضره جبريل ) دل هذا الحديث بمفهومه على أن جبريل عليه السلام يحضر الموتى خصوصاً من كان على طهارة ، واستفدنا منه أن طهارة الجنابة كافية في حضوره وأنه لا يشترط طهارة الحدث الأصغر ، وإن الجنب إذا توضأ يرجى له الاكتفاء بذلك وحضوره ، وأما قول من قال : إن الدرة الفاخرة موضوعة على الغزالي فليس كما قال : فقد نسبها إليه الأكابر منهم القرطي في التذكرة ، وينقل منها الصفحة والورقة بحروفها ومنهم خاتمة الحفاظ أبو الفضل بن حجر في تخريج أحاديث الشرح الكبير نعم الدرة الموجودة الآن مشتملة على ألفاظ ركيكة وأشياء غير مستقيمة الإعراب والذي يظهر أن ذلك من تغيير النساخ لكثرة تداول أيدي العوام عليها فزادوا فيها ونقصوا وحرفوا وغيروا ، وقد نقل الحافظ ابن حجر في التخريج عنها شيئاً ليس موجوداً فيها الآن فكأنه مما أسقطه النساخ وقد أمليت عليها تخريجاً في خمسين مجلساً في سنة أربع وسبعين حررت فيه ما وقع فيها من الأحاديث والآثار وبينت ماله أصل ومالا أصل له. وأما حديث الوفاة وقول جبريل هذا آخر وطئتي بالأرض فضعيف جداً ولو صح لم يكن فيه معارضة لأنه يحمل على أنه آخر عهده بإنزال الوحي.
وأما نزوله ليلة القدر مع الملائكة فذكره جماعة من المفسرين في قوله تعالى : ) تنزل الملائكة والروح فيها ( قالوا : المراد بالروح جبريل ، وروى فيه من حديث أنس مرفوعاً ( إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة من السماء يصلون ويسلمون على كل قائم أو قاعد يذكر الله تعالى ).
وأما نزوله على عيسى عليه السلام فأخرج مسلم صحيحه من حديث النواس بن سمعان

الصفحة 369