كتاب القانون في الطب (اسم الجزء: 1)

الْفَصْل الثَّالِث تشريح الشريان الصاعد أما الْجُزْء الصاعد من جزأي أورطي فَإِنَّهُ يَنْقَسِم إِلَى قسمَيْنِ أكبرهما يَأْخُذ مصعداً نَحْو اللثة ثمَّ يتورب إِلَى الْجَانِب الْأَيْمن حَتَّى إِذا بلغ اللَّحْم الرخو التوثي الَّذِي هُنَاكَ انقسم ثَلَاثَة أَقسَام: اثْنَان مِنْهَا هما الشريانان المسميان بالسباتيين ويصعدان يمنة ويسرة مَعَ الوداجين الغائرين اللَّذين نذكرهما بعد ويرافقانهما فِي الانقسام على مَا نذكرهُ بعد. وأمّا الْقسم الثَّالِث فَيَتَفَرَّق فِي القص وَفِي الأضلاع الأول الخلص والفقارات الستّ الْعلَا من الرَّقَبَة وَفِي نواحي الترقوة حَتَّى يبلغ رَأس الْكَتف ثمَّ يُجَاوِزهُ إِلَى أَعْضَاء الْيَدَيْنِ. وَأما الْقسم الْأَصْغَر من قسمي أورطي الصاعد فانه يَأْخُذ إِلَى نَاحيَة الْإِبِط وينقسم انقسام الثَّالِث من الْقسم الْأَكْبَر. الْفَصْل الرَّابِع تشريح الشريانين السباتيين وكل وَاحِد من الشريانين السباتيين يَنْقَسِم عِنْد انتهائه إِلَى الرَّقَبَة إِلَى قسمَيْنِ: قسم مقدم وَوَاحِد مُؤخر والمقدم يَنْقَسِم قسمَيْنِ: قسم يستبطن فَيَأْخُذ إِلَى اللِّسَان والعضل الْبَاطِنَة من عضل الفك الْأَسْفَل وَقسم يستظهر ويرتقي إِلَى مَا يَلِي قُدَّام الْأُذُنَيْنِ إِلَى عضل الصدغين ويجاوزها بعد أَن يخلف فِيهَا شعبًا كَثِيرَة إِلَى قلَة الرَّأْس وتتلاقى أَطْرَاف الْيُمْنَى مَعَ أَطْرَاف الْيُسْرَى مِنْهَا. وَأما الْجُزْء الآخر فيتجزأ جزأين والأصغر مِنْهُمَا يرتقي كثره إِلَى خلف ويتفرَق فِي العضل المحيطة بمفصل الرَّأْس وَبَعضه يتَوَجَّه إِلَى قَاعِدَة مُؤخر الدِّمَاغ دَاخِلا فِي ثقب عَظِيم عِنْد الدرز اللامي. وَأما الْأَكْبَر فَيدْخل قُدَّام هَذَا الثقب فِي الثقب الَّذِي فِي الْعظم الحجري إِلَى الشبكة بل وتنتسج عَنهُ الشبكة عروقاً فِي عروق وطبقات على طَبَقَات من غُضُون على غُضُون من غير أَن يُمكن أَخذ كل وَاحِد مِنْهَا بِانْفِرَادِهِ إِلَّا ملتصقاً باَخر مربوطاً بِهِ كالشبكة ويتفرق قداماً وخلفاً ويمنةً ويسرةً وينتشر فِي الشبكة ثمَّ يجْتَمع مِنْهَا زوج كَمَا كَانَ أَولا وينثقب لَهُ الغشاء ويرتقي إِلَى الدِّمَاغ ويتفرّق مِنْهُ فِيهِ الغشاء الرَّقِيق ثمَّ فِي جرم الدِّمَاغ إِلَى بطونه وصفاق بطونه ويلاقي فوهات شعبها الَّتِي قد صعدت ثمَّ فوهات شعب الْعُرُوق الوريدية النَّازِلَة وَإِنَّمَا أصعدت هَذِه وأنزلت تِلْكَ لِأَن تِلْكَ ساقية صابة للدم الَّذِي أحسن أوضاع أوعيته الساقية أَن تكون منتكسة الْأَطْرَاف. وَأما هَذِه فَإِنَّهَا تنفذ الرّوح وَالروح لطيف متحرّك صاعد لَا يحْتَاج إِلَى تنكيس وعائه حَتَّى ينصب بل إِن فعل ذَلِك أدّى إِلَى إفراط إستفراغ الدَّم الَّذِي يَصْحَبهُ وَإِلَى عسر حَرَكَة الرّوح فِيهِ لِأَن حركته إِلَى فَوق أسهل. وَبِمَا فِي الرّوح من الْحَرَكَة واللطافة كِفَايَة فِي أَن ينبث مِنْهُ فِي الدِّمَاغ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ ويسخنه وَلِهَذَا فرشت الشبكة تَحت الدِّمَاغ فيتردّد الدَّم الشرياني وَالروح فِيهَا ويتشبه بمزاج

الصفحة 85