كتاب القانون في الطب (اسم الجزء: 1)

التَّعْلِيم السَّادِس القوى وَالْأَفْعَال وَهُوَ جملَة وَفصل الْجُمْلَة القوى وَهِي سِتَّة فُصُول الْفَصْل الأول أَجنَاس القوى بقول كلي فَاعْلَم أَن القوى وَالْأَفْعَال يعرف بَعْضهَا من بعض إِذْ كَانَ كل قُوَّة مبدأ فعل مَا وكل فعل إِنَّمَا يصدر عَن قُوَّة فَلذَلِك جمعناهما فِي تَعْلِيم وَاحِد. فأجناس القوى وأجناس الْأَفْعَال الصادرة عَنْهَا عِنْد الْأَطِبَّاء ثَلَاثَة: جنس القوى النفسانية وجنس القوى الطبيعية وجنس القوى الحيوانية. وَكثير من الْحُكَمَاء وَعَامة الْأَطِبَّاء وخصوصاً جالينوس يرى أَن لكل وَاحِدَة من القوى عضوا رَئِيسا هُوَ مَعْدِنهَا وَعنهُ يصدر أفعالها ويرون أَن الْقُوَّة النفسانية مَسْكَنهَا ومصدر أفعالها الدِّمَاغ وَأَن الْقُوَّة الطبيعية لَهَا نَوْعَانِ: نوع غَايَته حفظ الشَّخْص وتدبيره وَهُوَ الْمُتَصَرف فِي أَمر الْغذَاء ليغذو الْبدن مُدَّة بَقَائِهِ وينميه إِلَى نِهَايَة نشوه ومسكن هَذَا النَّوْع ومصدر فعله هُوَ الكبد وَنَوع غَايَته حفظ النَّوْع والمتصرّف فِي أَمر التناسل ليفصل من أمشاج الْبدن جَوْهَر الْمَنِيّ ثمَّ يصور بِإِذن خالقه ومسكن هَذَا النَّوْع ومصدر أَفعاله هُوَ الأنثيان وَالْقُوَّة الحيوانية وَهِي الَّتِي تدبر أَمر الرّوح الَّذِي هُوَ مركّب الْحس وَالْحَرَكَة وتهيئة لقبوله إيَّاهُمَا إِذا حصل فِي الدِّمَاغ وتجعله بِحَيْثُ يُعْطي مَا يفشو فِيهِ الْحَيَاة ومسكن هَذِه القوى ومصدر فعلهَا هُوَ الْقلب.

الصفحة 94