كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 1)

وَبعده دبرهم " عبدون " بن هِلَال من سبط أفرائيم بن يُوسُف ثَمَان سِنِين فوفاته سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وثلثمائة لوفاة مُوسَى. عبدون - بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة ودالة مُهْملَة بِوَزْن مَنْصُور.
ثمَّ اخطأوا وعصوا، فَسلط عَلَيْهِم اهل فلسطين واستولوا عَلَيْهِم أَرْبَعِينَ سنة فَيكون آخر اسْتِيلَاء أهل فلسطين عَلَيْهِم فِي أَوَاخِر سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة لوفاة مُوسَى. فاستغاثوا إِلَى اللَّهِ فَأَقَامَ فيهم " شمشون " بن مانوخ من سبط دوف، وَكَانَ لشمشون قُوَّة عَظِيمَة يعرف بشمشون الْجَبَّار، فدافع أهل فلسطين ودبر ملك بني إِسْرَائِيل عشْرين سنة، ثمَّ غَلبه أهل فلسطين وأسروه ودخلوا بِهِ كنيستهم وَكَانَت مركبة على أعمدة، فَأمْسك العواميد وحركها بِقُوَّة حَتَّى وَقعت الْكَنِيسَة فَقتلته وَمن فِيهَا من فلسطين من كبارهم، فانقضاء مُدَّة تَدْبِير شمشون فِي أَوَاخِر سنة اثنيتين وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة لوفاة مُوسَى. وشمشون - بشينين معجمتين بِوَزْن مَنْصُور - ... ...
ثمَّ كَانَت فَتْرَة وصاروا بِغَيْر مُدبر عشر سِنِين، فانقضاء الفترة فِي أَوَاخِر سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة لوفاة مُوسَى.
ثمَّ قَامَ فيهم " غالى " الكاهن، عبد صَالح من ولد أثنامور بن هَارُون بن عمرَان، وَمعنى الكاهن: الإِمَام. فدبرهم أَرْبَعِينَ سنة، وَكَانَ عمره لما ولي ثمانيا وَخمسين سنة، فمدة عمره ثَمَان وَتسْعُونَ سنة، فِي أول سنة من ولَايَته ولد شمويل النَّبِي بقرية سيلو على بَاب الْقُدس، وَفِي الثَّالِثَة وَالْعِشْرين من ولَايَة غالي ولد دَاوُد النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، فوفاة غالي فِي أَوَاخِر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة لوفاة مُوسَى.
ثمَّ دبر بني إِسْرَائِيل " شمويل " النَّبِي، وتنبأ بعد الْأَرْبَعين عِنْد وَفَاة غالي إِحْدَى عشرَة سنة، ومنتهى هَذِه الإحدى عشرَة سنة هِيَ آخر سنى حكام بني إِسْرَائِيل وقضاتهم، فكلهم كَانُوا بِمَنْزِلَة الْقُضَاة وسدوا مسد مُلُوكهمْ. وَبعد تَدْبِير شمويل إِحْدَى عشرَة سنة قَامَ لَهُم مُلُوك - كَمَا سنذكر -، فَتكون انْقِضَاء سني حكامهم فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة لوفاة مُوسَى.
ثمَّ حضر بَنو إِسْرَائِيل إِلَى شمويل وسألوه أَن يُقيم فيهم ملكا، فَأَقَامَ فيهم " شاول "، وَهُوَ طالوت بن قيس من سبط بنيامين، وَكَانَ رَاعيا، وَقيل: سقاءا، وَقيل دباغا، فَملك سنتَيْن واقتتل هُوَ وجالوت - وجالوت من جبابرة الكنعانيين وَكَانَ ملكه بجهات فلسطين كَانَ من الشدَّة وَطول الْقَامَة بمَكَان عَظِيم -، فَلَمَّا برز لِلْقِتَالِ لم يقدم عَلَيْهِ أحد، فَذكر شمويل عَلامَة قَاتل جالوت فَاعْتبر طالوت عسكره فَلم يكن فيهم من يُوَافق الْعَلامَة، وَكَانَ دَاوُد أَصْغَر بني أَبِيه رَاعيا فِي غنم أَبِيه وَإِخْوَته فَطَلَبه طالوت واعتبره شمويل بالعلامة، وَهِي دهن كَانَ يستدير على رَأس من يكون فِيهِ السِّرّ، وأحضر أَيْضا تنور حَدِيد وَقَالَ: الَّذِي يقتل جالوت يكون ملْء هَذَا التَّنور. فَلَمَّا اعْتبر دَاوُد مَلأ التَّنور واستدار الدّهن على رَأسه ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .

الصفحة 23