كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 1)

وعقبة بن أبي معيط ذهبا إلى أحبار يهود، فسألاهم عنه عليه السلام فقالوا لهما: سلوه عن ثلاثة، فإن أخبركما بهن فهو نبي مرسل، وإن لم يجب فهو متقول...............
__________
ابن علقمة بن كلدة بفتح الكاف واللام العبدري المشتري لهو الحديث القائل: اللهم إن كان هذا هو الحق ... إلخ، أسر ببدر وقتل كافرًا بالصفراء بإجماع أهل السير، وهم ابن منده وأبو نعيم، فقالا: شهد حنينًا مع النبي صلى الله عليه وسلم وأعطاه مائة من الإبل وكان من المؤلفة وقلبا نسبه فقالا: كلدة بن علقمة، وأطنب الحافظ العز بن الأثير وغيره من الحفاظ في تغليظهما والرد عليهما، وتعقب باحتمال أن يكون له أخ سمي باسمه فهو الذي ذكراه لا هذا المقتول كافرًا؛ كذا في الإصابة، وفي مغازي ابن عبد البر ذكر في المؤلفة قلوبهم النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة أخو النضر بن الحارث المقتول ببدر صبرًا، انتهى. فجزم بأنه أخوه.
"وعقبة" بقاف "ابن أبي معيط" أحد رءوس الكفر لعنه الله قتل بعد بدر، "ذهبا" إلى المدينة ببعث قريش لهما بعد مراجعة بينهم وبين النضر؛ كما رواه ابن إسحاق والبيهقي، عن ابن عباس، قال: إن النضر كان من شياطين قريش، فقال: يا معشر قريش، والله قد نزل بكم أمر ما أتيتم له بحيلة بعد، قد كان محمد فيكم وأصدقكم حديثًا وأعظمكم أمانة حتى إذا رأيتم الشيب في صدغيه وجاءكم بما جاءكم به، قلتم: ساحر، لا والله ما هو بساحر، وقلتم: كاهن، لا والله ما هو بكاهن، وقلتم: شاعر، لا والله ما هو بشاعر، وقلتم: مجنون، لا والله ما هو بمجنون، فلما قال ذلك بعثوه مع عتبة "إلى أحبار" بفتح الهمزة جمع حبر بفتح الحاء وكسرها، أي: علماء "يهود" علم لمن دخل دين اليهودية غير مصروف للعلمية وزن الفعل ويجوز دخول أل فلا يمتنع التنوين لنقله من وزن الفعل إلى باب الأسماء، "فسألاهم عنه عليه السلام" بعد إخبارهما لهم بصفته وبعض قوله: وقولهما إنكم أهل الكتاب الأول، أي: التوراة، وعندكم علم ليس عندنا من علم الأنبياء، وقد أتيناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا؛ كما في حديث ابن عباس.
"فقالوا لهما: سلوه عن ثلاثة، فإن أخبركم بهن" على طريق الحقيقة والإجمال؛ لأنه لم يجب عن الروح إلا إجمالا، لأنها مما استأثر الله بعلمه. وفي بعض التفاسير: إن أجابكم عن البعض فهو نبي، وفي كتابهم: إن الروح من الله. وفي رواية: إن أجابكم عن حقيقة الروح فليس بنبي، وإن أجابكم بأنها من أمر الله، فهو نبي.
وفي رواية: إن أجاب عن كلها أو لم يجب عن شيء فليس بنبي، وإن أجاب عن اثنين ولم يجب عن واحد "فهو نبي مرسل" تأسيس إذ لا يلزم من النبوة الرسالة على المشهورة، "وإن لم يجب" عن شيء منها بأن سكت أو أجاب عن جميعها تفصيلا "فهو متقول" اسم فاعل من

الصفحة 482