كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 1)

وإنّما تقول: "جئتُك لزيد، ولإكرامك الزائرَ، ولمخاصَمتك زيدًا أمس". وإنّما وجب النصبُ فيما اجتمع الشرائطُ الثلاثُ المذكورةُ، وامتنع فيما خرج عنه من قِبَل أنّ الفعل لمّا تضمّن المفعولَ له، ودلّ عليه، وكان موجودًا بوجُوده، أشبهَ المصدرَ الذي يكون من لفظ الفعل، نحوَ: "ضربتُ ضَرْبَةً، وضَرْبًا"، فكما نصبتَ "ضربةً" و"ضربًا" بـ "ضربتُ" من حيث إن الفعل كان متضمِّنًا ضروبَ المصادر ودالاً عليها، فكذلك نصبتَ المفعول له إذا اجتمع فيه الشرائطُ المذكورةُ، نحوَ: "ضربتُه تأديبًا"، وصار في حكمِ "أدّبتُه تأديبًا" وجرى مجرَى ما ينتصب به من المصادر، إذ كان نَوْعًا من الأوّل، وإن لم يكن من لفظه، نحوَ: "رَجَعَ القَهْقَرَى"، و"عَدَا الجَمَزَى". فأمّا إذا فُقد منه شرطٌ من هذه الشروط، خرج عن شَبَهِ المصدر، وجرى مجرَى سائر الأسماء الأجْنَبيّةِ، فلم يتعدَّ إليه الفعلُ اللازمُ والمنتهِي في التعدّي إلَّا بحرف جرّ، وخُصَّ باللام، لأنّها تدلّ على الغرض والعلّةِ، فاعرفه.

فصل [جواز تعريفه وتنكيره]
قال صاحب الكتاب: "ويكون معرفة ونكرة. وقد جمعهما العجاج في قوله [من الرجز]:
271 - يركب كل عاقر جمهور ... مخافة وزعل المحبور
والهول من تهول الهبور"
* * *
¬__________
271 - التخريج: الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 354 - 355؛ وخزانة الأدب 3/ 114، 116؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 47؛ والكتاب 1/ 369؛ وشرح شواهد الإيضاح ص 184؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص 187، 189.
اللغة: الجمهور: المتراكب المجتمع. والزعل: النشاط. والمحبور: المسرور. والهول: الفزع. والتهوَّل: أن يعظم الشيء في نفسك حتى يهولك.
المعنى: شبَّه بعيره بثور وحشي لا يسير إلا في الرمل المتراكب المجتمع الذي لا نبات فيه مخافة الرماة، ولحيويته، واتَّقاده في مختلف الظروف.
الإعراب: "يركب": فعل مضارع مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. "كلّ": مفعول به منصوب بالفتحة، وهو مضاف. "عاقر": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "جمهور": صفة لـ "عاقر" مجرورة بالكسرة. "مخافة": مفعول لأجله منصوب بالفتحة. "وزعل": الواو: حرف عطف، و"زعل": معطوف على "مخافة"، وهو مضاف. "المحبور": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "والهول": الواو: حرف عطف، و"الهول": معطوف على "مخافة"."من تهوُّل": جار ومجرور متعلقان بـ "الهَول"، وهو مضاف. "الهبور": مضاف إليه مجرور بالكسرة.
وجملة "يركب": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. =

الصفحة 452